التجاهل.. رفض وإقصاء

 تقوم العلاقات الإنسانية- الاجتماعية على التفاعل ما بين الأفراد والجماعات بأبسط أشكال التعاطف، لاسيما وقت الأزمات أو المشاكل المتنوّعة. كما لا يمكن لهذه العلاقات أن تستمر بعيداً عن الثقة والاهتمام والاحترام. غير أن البشر ليسوا جميعهم على سوية واحدة من القدرة على إبداء مشاعر التعاطف والتفاعل، أو منح الاحترام والثقة المتبادلة تجاه الآخرين، فهناك البعض ممّن يُعانون تشوّهاً إنسانياً فكرياً واجتماعياً وحتى عاطفياً، لا يمكنهم بأيّ حال أن يتعاملوا مع الآخرين بشكل طبيعي، بل غالباً ما يعمدون إن لم يكن للأذى، إنما لتجاهل الآخرين ومشاعرهم وما يتعرضون له في السرّاء أو الضرّاء، وقد يكون هذا التجاهل في غالب الأحيان متعمّداً لسبب أو لآخر.

يظهر التجاهل تجاه المُقرّبين سواء بصلة الدم أو الصداقة والزمالة، وربما نلحظها في العلاقة الزوجية بشكل جليّ لاسيما من قِبل الرجل تجاه المرأة، إن كانت على مستوىً مرموق علمياً أو وظيفياً أو… الخ، بسبب الصورة النمطية المُتشبثة بالذهنية الذكورية التي لا يمكن أن تتقبّل نجاح المرأة- الزوجة على مستويات مختلفة. أمّا التجاهل تجاه الإخوة أو الأصدقاء والزملاء، فغالباً ما يكون بسبب الغيرة المُضمرة من نجاح أولئك، إضافة إلى رفضهم وعدم الاعتراف بإنجازاتهم، وهذا بحدّ ذاته دليل على شعور المتجاهل بمختلف عُقَد النقص وعدم الثقة بالذات وإمكاناتها المحدودة قياساً لإنجازات الآخرين.

كما يتجلى التجاهل من قبل هيئات (الدولة بمختلف هيئاتها، الأحزاب، التنظيمات المدنية.. الخ) تجاه المواطنين بشكل عام، وذلك استناداً إلى سياسة الإقصاء وعم الاعتراف تحديداً بحق المواطنين في المساهمة بإدارة البلاد أو حرية الرأي باتجاهاتها المختلفة. والأمر ذاته ينطبق على الأحزاب السياسية، حين تعتقد قياداتها من جهة أنها الأقدر على وضع القرارات، ومن جهة أخرى أنها الوحيدة بين التنظيمات التي تمتلك الحقيقة. وأمام هذه الأنماط من الهيئات والشخصيات وما تحمله من صفات غير إيجابية في علاقتها بالمحيط، لا يمكننا إلاّ عدم منحها الفرصة لعرقلة مسيرتنا وتحقيق أهدافنا ونجاحاتنا، إضافة إلى الإصرار على طرح ما نملك من أفكار ومواقف مرفوضة من هذه الهيئة أو الشخصية المُتعثّرة مع ذاتها والآخرين.

العدد 1140 - 22/01/2025