التحرش ومدى إنصاف القانون
كثيراً ما تتعرض الفتيات وخاصة منهنّ الصغيرات لمضايقات وكلام غير مرغوب، وغالباً ما يكون هذا التحرش جنسياً. فالتحرّش عموماً هومجموعة من الانتهاكات البسيطة تصل إلى المضايقات الجادة التي تتضمن التلفّظ بتلميحات جنسية أوإباحية.
ويعتبر التحرش الجنسي فعلاً مشيناً وغير أخلاقي بكل المقاييس. وغالباً ما يبرر للرجل فعلته بالقول إن الفتاة هي من جعلت هذا الرجل يتحرش بها، إما بسبب اللباس غير المحتشم، أومن خلال ضحكة، أو طريقة المشي اللافتة للنظر. وهنا تضطر الكثير من الفتيات للسكوت خشية نظرة المجتمع إليها، أو ظناً منها أن ليس هناك قانون يحميها أو ينصفها.
لذلك، كوني أقوى من هذا الرجل والمجتمع، لا تصمتي عن هذا التحرش، لأن سكوتك هو دليل ضعف، وصمتك ربما يحوّل التحرش إلى اعتداء جنسي.. وليكن القانون والعدالة ملاذك، فهناك قوانين وعقوبات،
وعلى الفاعل أن ينال جزاء فعلته، وقد تتراوح عقوبة التحرش ما بين السجن والغرامة، كما رأينا في مصر عندما حصلت هند على حقها، بعدم سكوتها عن من ارتكب بحقها فعل التحرش، فأرغمت القضاء على إنصافها ولم تيئس.
طبعاً فعل التحرش لا يقتصر على مجتمع بعينه، إنما هو موجود في كل دول العالم، لكن بإمكان النساء والفتيات اللواتي يتعرّضن للتحرش أو للاعتداء الجنسي، اللجوء إلى القضاء وإلحاق العقوبة المنصوص عليها في القانون بالرجال الذين ألحقوا بهنّ الأذى. إلاّ أنّه لا يجري تحريك الدعوى العامة في قضايا الاعتداءات الجنسية دون شكوى وادعاء أمام النيابة العامة من قبل الضحية أو ولي الأمر،
فالقانون لم ينصّ على تحريك الدعوى العامة دون شكوى وادعاء شخصي أمام النيابة العامة، وحصر الحق في تحريك الدعوى العامة بصاحب المصلحة، وله صفة الضحية من وجهة النظر القانونية.
لذلك لا بدّ من إعطاء التحرّش الجنسي تعريفاً واضحاً بشكل مستقلّ عن الأفعال الأخرى الخادشة للحياء، وتشديد العقوبة على مرتكبي التحرش الجنسي، بحيث يصبح هناك رادع قانوني لا يُستهان به،
كذلك العمل على زيادة التوعية ورفع مستوى التفكير لدى الناس، والسمو بالغرائز إلى مكانها الطبيعي، من خلال الوسائل الإعلامية والتعليمية والثقافية، والأهم هو الوقوف إلى جانب الفتاة وليس ضدها، لكي يتخلّص الرجل أولاً من هذه السلوكيات المنحرفة، وثانياً كي يصل المجتمع إلى حالة من العدالة والإنصاف للجميع.