ما بين العرف والقضاء تضيع حقوق النساء
تسود في المجتمعات العربية والإسلامية أعراف تقف في معظمها بشراسة ضدّ المرأة حتى لو كانت ضحية، مثلما تقف ضدّ القضاء حتى لوكان عدله في حدوده الدنيا أو فقط من باب رفع العتب، وذلك فقط من أجل إرضاء ذكورية تغلغلت عميقاً وتجذَّرت في نسغ تفكير هذه المجتمعات.
ولأننا مجتمعات تعيش حالة قمع وكبت متعددة الاتجاهات، أهمها القمع الجنسي الناجم عن مفاهيم خاطئة ومُزيّفة تجاه المسألة الجنسية وطرق التعاطي معها تربيةً وتعليماً، لتدفع هذه المفاهيم إلى ازدواجية وفصام حقيقي ما بين الواقع المعيش في الظلّ، والحياة الظاهرة للعلن، مما يؤدي بالأفراد غالباً إلى تبني سلوكيات بعيدة عن الأخلاق،
لاسيما الذكور الذين يعطيهم المجتمع من الحقوق والحريات ما لا يسمح بنتفٍ منه للإناث، فيُصبح بعضهم أداة تنكيل واضطهاد للمرأة وحقوقها وكرامتها الإنسانية، بسبب نظرة دونية دينية المنشأ تتهم حواء بأنها أصل كل فتنة وغواية وبلاء، حين أغرت آدم بالتفاحة وحرمته الجنة.
وانطلاقاً من هذا، يسعى البعض إلى التحرّش بالفتيات والنساء إرواءً لغريزة حيوانية، وانتقاماً من البعض الآخر لفقدانه الجنة، وفي كلتا الحالتين هناك انتهاك صارخ لخصوصية المرأة وكرامتها، تحميه، بلا أدنى مسؤولية، الذهنيةُ الذكورية- المجتمعية التي لا ترى في المرأة إلاّ جانية لأنها المسبب لتلك الممارسات،
إمّا من خلال ملابسها أو مشيتها وضحكتها وصوتها الذي يعتبرونه عورة يجب كمّه وخنقه. من هنا تعززت آلية الصمت الأنثوي وتمادت تجاه كل انتهاك خشية الفضيحة والنبذ الأسري والاجتماعي، رغم أن القانون يحميها إلى حدٍّ بسيط.
لكن اليوم، لم يعد هذا الصمت مجدياً، سواء أمام هذه الذهنية، أم من قبل بعض الفتيات والنساء ممن لا يعنيهن سوى حقوقهن مهما كانت النتائج، في محاولة ولو كانت يائسة أحياناً..
لذا، فلنكن جميعنا، كنساء، مثل هند عبد الستار، ولنحطّم جدار الصمت المُريع، للخروج من شرانق خوف عمره آلاف السنين، أملاً بالخلاص، ووصولاً إلى حقوق تاهت وضاعت ما بين العرف والقضاء.