المستلزمات المدرسية «نار» والأسر مكتوفة الأيدي
تستعد الأسر السورية لتأمين مستلزمات أبنائها المدرسية، قبل انطلاق العام الدراسي منتصف الشهر القادم، في إصرار وتحدٍّ واضحين لنهل العلم، وعدم ضياع حقوق هذا الجيل لاسيما حقه في التعليم. والواضح، أن المعاناة الشديدة للأسر لجهة تدني قدراتها الشرائية، وغلاء أسعار كل ما يتعلق بالمستلزمات المدرسية، من ألبسة وقرطاسية وغيرها، ستلقي بظلالها على إمكانية تأمين هذه المستلزمات، وستضع الأسر الفقيرة والمعدومة والمهمشة اقتصادياً، أمام مأزق خانق، فهي تريد أن يذهب أبناؤها مرفوعي الرأس إلى مدارسهم.
ليست القضية في أن يرتدي التلاميذ والطلبة أفخر أنواع اللباس المدرسي، ويحملوا أفضل أنواع القرطاسية. قطعاً لا، فنحن نطالب بالتشدد في أن يكون اللباس المدرسي الموحد ملائماً لجميع الأسر بغض النظر عن وضعها الاقتصادي، وإن كان الفشل حليفنا في منع السيارات الحكومية من إيصال قلة من التلاميذ من أبناء الذوات إلى مدارسهم، في مظهر غير لائق إطلاقاً، فلابد من بعض التشدد في موضوع اللباس، والإصرار على عدم الانجرار خلف الموضة بدلاً من التوجه الصارم نحو العلم. فالطلاب يذهبون إلى مدارسهم من أجل العلم، لا لأي شأن أخر، وهنا يتحتم على المعنيين بالعملية التربوية، كما جرت العادة، وضع حد للتشوه الحاصل في هذا المجال، وعدم السماح لشريحة الميسورين اقتصادياً من نكء جراح أبناء الطبقات الفقيرة، بل لابد من حالة تكافل وتعاضد قوية هنا.
غلاء المستلزمات المدرسية، لايمكن على ما يبدو مواجهته، وكل المؤسسات المعنية بمتابعة هذا الأمر، لاسيما جهات التدخل الايجابي، لاترقى بإجراءاتها إلى هذا الطموح، كما أن الأسعار التي تقدمها على أنها منافسة، هي بالأساس مرتفعة، ولاطاقة للأسر الفقيرة عليها، لأسباب كثيرة لسنا في واردها الآن. طلبة وتلاميذ سورية هم أمانة في أعناق المجتمع، والدولة، ولايمكن التساهل في حق كحق التعليم لجيل تعرض لأسوأ موجات العنف، وشاهد القتل والدمار، وعانى من الفوضى، كما أن إنقاذ هذا الجيل من براثن الجهل المرسومة له يحتاج فقط إلى الإصرار على التعليم، بأسهل السبل وأيسرها. ربما لم نصل إلى حالة نطالب فيها بأن يذهب التلاميذ والطلبة إلى مدارسهم كيفما اتفق، ولكننا مطالبون بتأمين الفرصة المتاحة لافتتاح مدارسنا، وأن يرتادها الطلبة دون مظاهر مخملية.