الرئيس الأسد في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية: الولايات المتحدة وفّرت منذ البداية الغطاء السياسي للإرهاب في سورية
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الخطوة الأولى للقضاء على التنظيمات الإرهابية في سورية تكمن في وقف تدفق الإرهابيين، وخصوصاً من تركيا إلى سورية والعراق، ووقف تدفق الأموال السعودية، ومنع دخول الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم اللوجستي لتلك التنظيمات. وشدد الرئيس الأسد في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية إي إف إي على أن تركيا هي شريان الحياة الوحيد المتاح لتنظيم (داعش) الإرهابي ،وقال: (إن السعودية وتركيا وقطر هي الأطراف الرئيسية المتواطئة في ارتكاب بشاعات (داعش)..
وأوضح الرئيس الأسد أن الولايات المتحدة وفّرت منذ البداية الغطاء السياسي للإرهاب في سورية، وهي غير جادة في محاربته، وقال: (طالما ظلت الولايات المتحدة غير جادة في محاربة الإرهاب فلا يمكن أن نتوقع من باقي الدول الغربية أن تكون جادة، لأنها حليفة للولايات المتحدة).
*** وفيما يلي أبرز ما جاء في المقابلة:
منذ بداية الصراع في سورية تبنّينا مقاربة الحوار مع جميع الأطراف الضالعة في الصراع في سورية.. وقد تعاملنا مع ذلك بإيجابية.. ورددنا بإيجابية على كل مبادرة أطلقتها الدول المختلفة في العالم، بصرف النظر عن النوايا الحقيقية وصدق المسؤولين الذين أطلقوا تلك المبادرات.. وبالتالي فنحن مستعدون اليوم للشروع في المفاوضات مع المعارضة.. لكن ذلك يعتمد على تعريف المعارضة.. ثمة فرق كبير بين المسلحين والإرهابيين من جهة.. والمعارضة من جهة أخرى.. وبالتالي فإن الحديث عن هذا المفهوم يختلف عما هو قيد الممارسة.. لأننا حتى الآن نرى أن بعض البلدان.. بما فيها السعودية والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية تريد من المجموعات الإرهابية أن تنضم إلى طاولة المفاوضات.. تريد هذه الدول من الحكومة السورية أن تتفاوض مع الإرهابيين.. وهو أمر لا أعتقد أن أحداً يمكن أن يقبله في أي بلد من البلدان.
* ورداً على سؤال ما الذي يمكن فعله برأيكم لإنهاء وجود (داعش)…قال الرئيس الأسد:
هذه قضية معقدة جداً.. ليس بسبب (داعش) بصفته تنظيماً.. ثمة أمر أكثر خطورة ينبغي التعامل معه وهو الأسباب الكامنة وراء هذا التنظيم.. أولاً.. هناك الأيديولوجيا التي زرعت في عقول الناس أو المجتمع في العالم العربي على مدى عقود.. وذلك بسبب المؤسسات الوهابية والأموال السعودية التي دفعت وتدفع لدعم هذا النوع من الأيديولوجيا الظلامية المقيتة.. دون التعامل مع هذه الأيديولوجيا.. سيكون من قبيل إضاعة الوقت القول إننا سنقضي على (داعش) أو (لنصرة) أو أي تنظيم آخر تابع للقاعدة.. (داعش) ينتمي إلى القاعدة.. و(جبهةالنصرة) ينتمي إلى القاعدة وهناك العديد من التنظيمات الأخرى التي تمتلك الإيديولوجيا نفسها.. وبالتالي.. فإن هذا أمر ينبغي التعامل معه على المدى البعيد.. بمعنى كيفية منع تلك المؤسسات الوهابية والأموال السعودية من الوصول إلى المؤسسات الإسلامية في سائر أنحاء العالم لجعلها أكثر تطرفاً ولنشر الإرهاب حول العالم.. هذا أولاً.. ثانياً.. علينا أن نتحدث عن المدى القصير والتعامل مع الوضع الراهن.. وبشكل أساسي وجود (داعش) في سورية والعراق بالطبع.. فإن محاربة الإرهاب تشكل جواباً بديهياً على هذا السؤال.. لكننا نتحدث عن أيديولوجيا وعن تنظيم يتمتع بقدرات غير محدودة على استقدام الإرهابيين من سائر أنحاء العالم.. هناك في سورية إرهابيون من مئة جنسية يقاتلون مع المتطرفين الإرهابيين في القاعدة و(جبهة النصرة) وغيرها.. ينبغي أن تكون الخطوة الأولى التي نتخذها لحل هذه المشكلة وقف تدفق الإرهابيين خصوصاً من تركيا إلى سورية والعراق.. كما يتوجب بالطبع وقف تدفق الأموال السعودية وغيرها من الأموال الوهابية.. من قطر على سبيل المثال.. إلى أولئك الإرهابيين عبر تركيا.. ووقف دخول الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم اللوجستي.. يمكننا أن نبدأ على هذا النحو.. ومن ثم.. إذا أردت التحدث عن الجوانب الأخرى التي يمكن أن تكون سياسية واقتصادية وثقافية لأن للموضوع أوجهاً مختلفة.. لكن في الوقت الراهن علينا أن نبدأ بوقف هذا التدفق.. وفي الوقت نفسه.. محاربة الإرهاب داخل سورية من قبل الجيش السوري وكل من يريد دعم هذا الجيش.
أما بخصوص النفط الذي تبيعه داعش فقال الرئيس الأسد:
في الأسبوع الماضي عرض الروس صوراً ومقاطع فيديو على التلفزيون لشاحنات نقل نفط تعبر الحدود السورية التركية.. لقد أنكر الأتراك هذا بالطبع.. ومن السهل إنكاره.. لكن دعونا نتحدث عن الواقع.. معظم النفط السوري موجود في المنطقة الشمالية من سورية.. من المستحيل تهريبه إلى العراق.. لأن جميع الأطراف في العراق تحارب (داعش).. وينطبق الأمر ذاته على سورية.. أما لبنان فبعيد جداً.. والأردن في الجنوب بعيد جداً أيضاً.. وبالتالي.. فإن شريان الحياة الوحيد المتاح ل(داعش) هو تركيا..
السعودية وتركيا وقطر هي الأطراف الرئيسية المتواطئة في ارتكاب بشاعات (داعش).
* متى تعتقد أن الحرب ستنتهي في سورية؟
** الرئيس الأسد..
إذا أردت الحديث عن الصراع السوري كصراع منعزل.. وبالوضع الراهن الآن.. بنفس الجنود السوريين والحلفاء من جهة.. والإرهابيين من جهة أخرى..يمكننا إنهاء هذا الوضع في بضعة أشهر.. ليس ذلك معقداً جداً لا بالمعنى العسكري ولا بالمعنى السياسي.. لكن طالما أنك تتحدث عن شريان حياة يعيش عليه هؤلاء الإرهابيون دون أن يتم خنقه.. وأن يستمر الإرهابيون باستقبال المتطوعين بشكل يومي وتلقي الدعم بكل أشكاله.. من حيث المال والسلاح والموارد البشرية وكل شيء.. فإن ذلك سيطيل أمد الحرب كثيراً.. وسيكون لذلك بالطبع ثمن باهظ.. لكن في النهاية.. فإننا نحرز تقدماً.. لقد بات الوضع على المستوى العسكري أفضل بكثير.. لكن مرة أخرى.. فإن الثمن باهظ.. ولهذا السبب قلت قبل قليل.. إذا أردتم إنهاءها في وقت قصير.. ومعظم العالم يقول الآن إنه يريد وضع حد للأزمة.. فلتضغطوا إذاً على تلك البلدان.. وأنتم تعرفونها.. تركيا والسعودية وقطر.. وسينتهي الصراع خلال أقل من عام بالتأكيد.
ليس هناك أي تنسيق(مع التحالف) على الإطلاق.. ولا صلة واحدة في ما يتعلق بهذا القطاع.. أي القطاع العسكري.. ولهذا السبب.. فإن هذا التحالف يقصف (داعش) منذ أكثر من عام.. وفي الوقت نفسه فإن (داعش) يتوسع.. لأنه لا تمكن محاربة الإرهابيين من الجو.. ينبغي التعامل معهم على الأرض.. ولهذا السبب.. عندما بدأ الروس مشاركتهم في الحرب ضد الإرهاب.. كانت إنجازات الجيشين الروسي والسوري في بضعة أسابيع أكبر بكثير مما حققه التحالف خلال أكثر من عام.. في الواقع فإن التحالف لم يحقق شيئاً.. بل يمكن القول إنه كان يدعم (داعش).. ربما بشكل غير مباشر.. لأن (داعش) كان يتوسع وكان يستقبل أعداداً أكبر من المتطوعين.. ولذلك.. لا نستطيع القول إنهم حققوا شيئاً في الواقع.
لنتحدث عن الإدارة الأمريكية.. لأن أوباما في المحصلة جزء من الإدارة.. هناك مجموعات ضغط في الولايات المتحدة.. ومنذ البداية.. وفرت الولايات المتحدة لأولئك الإرهابيين الغطاء السياسي.. منذ البداية قالت إنهم يخرجون في مظاهرات سلمية.. ثم عندما ظهروا على حقيقتهم كإرهابيين.. قالوا إنهم إرهابيون معتدلون.. ثم في النهاية وجدوا أن عليهم أن يقولوا إن هناك (داعش) و(النصرة).. لكنهم في المحصلة ليسوا موضوعيين.. هم لا يجرؤون على القول إنهم كانوا مخطئين.. لا يجرؤون على القول إن قطر والسعودية ضلّلتاهم في البداية وما بعدها.. هذا أولاً.. ثانياً.. طالما ظلت الولايات المتحدة غير جادة في محاربة الإرهاب.. فلا يمكن أن نتوقع من باقي الدول الغربية أن تكون جادة.. لأنها حليفة للولايات المتحدة.. وباختصار.. لنقل إن الأمريكيين حتى الآن لا يريدون تدمير (داعش) أو التطرف أو الإرهاب.. وقد قالها أوباما.. قال إنه يريد احتواء الإرهاب وليس تدميره.. ما الذي يعنيه ذلك… يعني السماح له بالتحرك باتجاه ما.. لكن ليس باتجاه آخر.. كما لو أن الأمر يقتصر على وضع حدود للآثار الضارة ل(داعش).. وبالتالي.. لا نعتقد أن الأمريكيين مخلصون في محاربة الإرهاب.
ورداً على سؤال آخر قال الرئيس الأسد: عندما أقول الحل السياسي فإن هذا يعني أن يكون حلاً سورياً صرفاً.. لا غربياً ولا خارجياً.. عندما لا يريدني الشعب السوري أن أكون رئيساً.. فعلي أن أرحل في اليوم نفسه وليس في اليوم التالي.. هذا أمر مبدئي بالنسبة لي.. إذا اعتقدت أن بوسعي أن أساعد بلدي وخصوصاً عندما يكون في أزمة.. وأجد أن الشعب السوري لا يزال يؤيدني أو توخياً للدقة لنقل إن أغلبية الشعب السوري تؤيدني.. فإن علي أن أبقى.. هذا أمر بديهي.
* هل صحيح أن الروس سيقيمون قاعدة عسكرية أخرى في سورية…
** الرئيس الأسد:
لا.. هذا غير صحيح.. وقد نفوا هذه المزاعم قبل يومين.. لو كان هناك شيء من هذا القبيل.. لكانوا أعلنوه.. ولكنا أعلناه في الوقت نفسه.
*وهل يخطط الإيرانيون لإقامة قاعدة عسكرية خاصة بهم في سورية…
**الرئيس الأسد: لا.. لم يفكروا في ذلك إطلاقاً.. ولم يناقشوا هذه المسألة.
منذ بداية المشاركة العسكرية الروسية في سورية فيما يتعلق بالحرب ضد التنظيمات الإرهابية.. تغير الوضع على الأرض بشكل إيجابي.. وبالنسبة لأردوغان.. فإن ذلك سيحبط طموحاته.. إذا فشل أردوغان في سورية.. فإن ذلك سيشكل من وجهة نظره نهايته السياسية.. سيكون ذلك بمثابة نعي لمستقبله السياسي وطموحه لجعل تركيا مركزاً للإخوان المسلمين في المنطقة وتنصيب حكومات إخوانية تابعة في سائر أنحاء العالم.. إنه يرى في سورية آخر قلاع أحلامه.. إذا فشل في سورية.. كما فشل في مصر وأماكن أخرى.. فإنه يعتقد أن ذلك سيكون نهاية مسيرته.. ولذلك فإن رد فعله كان غير حكيم وكان يعكس طريقة تفكيره.. ويعكس دخيلته وغريزته حيال المشاركة الروسية.. هذا هو الوجه الأول لقضية إسقاط الطائرة.. الوجه الثاني هو أنه اعتقد أن حلف شمال الأطلسي سيهب لنجدته.. وأنه سيتمكن من دفع الحلف إلى صراع مع روسيا.. وأن النتيجة ستكون المزيد من تعقيد الأوضاع في سورية على الأرض.. وربما تحقيق حلمه في إقامة منطقة حظر طيران يستطيع أن يرسل إليها الإرهابيين وأن يستخدمهم كدولة أخرى في مواجهة الدولة السورية.. كان هذا هو طموحه وطريقة تفكيره ومخططه في سورية على ما نعتقد.
معظم اللاجئين يتواصلون مع أسرهم في سورية.. وبالتالي ما زلنا على تواصل معهم.. ومعظم أولئك اللاجئين من أنصار الحكومة.. لكنهم غادروا بسبب الأوضاع التي خلقها الإرهابيون من تهديدات مباشرة وقتل.. وكذلك لأن الإرهابيين دمروا البنية التحتية.. سبب آخر.. هو الحصار الذي فرضه الغرب على سورية والذي أدى إلى عدم تمكن عدد كبير من السوريين من الحصول على الاحتياجات الرئيسية لحياتهم.. وبالتالي.. ليست هناك حاجة لأبعث إليهم بأي رسالة.. لأنهم سيعودون إلى وطنهم عندما يتحسن الوضع.. معظمهم يحبون بلدهم.. في الواقع.. أود أن أبعث برسالة إلى الحكومات الأوربية لأنها هي التي جلبت أولئك الإرهابيين وهي التي خلقت هذا الوضع وساعدت الإرهابيين.. وهي التي فرضت الحصار الذي كان بشكل مباشر لصالح الإرهابيين ودفع اللاجئين إلى مغادرة سورية إلى بلدان أخرى.. إذاً.. إذا كنتم تعملون لصالح الشعب السوري كما تقولون.. فإن أول شيء ينبغي فعله هو رفع الحصار.. الشيء الثاني الذي ينبغي فعله هو وقف تدفق الإرهابيين إلى سورية.. ولهذا أعتقد أن الرسالة ينبغي توجيهها إلى الحكومات الغربية التي ساعدت على رحيلهم للعيش في بلدانها.
*هل ستعفون عن الإرهابيين إذا تخلوا عن أسلحتهم؟
**الرئيس الأسد..
بالطبع.. هذا يحدث أصلاً في سورية.. ما نسميه مصالحات يمثل الحل السياسي الحقيقي الوحيد الذي أدى إلى نتيجة مثمرة وواقع إيجابي في مختلف الأماكن في سورية.. جوهر المصالحة يستند إلى قيام الإرهابيين بتسليم أسلحتهم وقيام الحكومة بمنحهم العفو.. هذه هي الطريقة الوحيدة الجيدة في رأيي لحل المشكلة.