وجودكنَّ… يغتالنا
منذ زمنٍ بعيد كانت المرأة السُّورية أولى النِّساء العربيات التي تبوَّأت مراكز قيادية في البلاد، ووصلت إلى مستوياتٍ عليا في الحياة السِّياسية والإدارية، ما دفعنا للفخر والاقتداء بها، لأنها غذَّت جذوة الأمل في أرواحنا جميعاً بأن مكانة المرأة لا تحدُّها تلك الحدود المرسومة لها ضمن جدران بيتها. إلاّ أن القلَّة القليلة منهن تستحقُّ ما وصلت إليه، لقناعتها بذاتها وإمكانياتها أولاً، ولكونها فعلاً أسَّست لحركة نسوية كبيرة في المجتمع من خلال إيمانها بأهدافها وسعيها المستميت للوصول إلى الأهداف المرجوَّة.
غير أن الحال لم يستمر على ما كان، فقد ساهمت العديد من النِّساء في ترسيخ فكرة أن مشاركة المرأة في الحياة السِّياسية والاجتماعية وووو إلخ ما هي إلاّ شكل يتناسب والعدد المطلوب، أما من حيث الفاعلية فلا وجود لها على أرض الواقع، لا سيما في وقتنا الرَّاهن، فغالبية النِّساء اللواتي يشاركن إن لم نقل جميعهن لسن على قدرٍ كافٍ من الوعي بالمهام المنوطة بهن كشريكٍ حقيقيٍّ من المفترض أنه فعَّال في المجتمع الذي يجب أن ينهض ويحلِّق بكلا جناحيه (الرَّجل والمرأة)، ولم يخرجن من إطار العقلية الذُّكورية الحاكمة التي لا تتوافق مع العديد من المطالبات الحثيثة لتغيير بعض القوانين والتَّشريعات التي تطول قوننة الحياة المجتمعية في البلاد، ما جعل ولا يزال يجعل وجودهن في تلك المناصب بعيداً كل البعد عمّا هو مطلوبٌ منهن، بل إنهن يشكِّلن عائقاً في بعض الأحيان حينما تُعرض مشاريع غاية في الأهمية للنِّقاش وإقرارها كقوانين ناظمة للمجتمع، كما حصل حينما اعترضت النِّساء/البرلمانيات في مجلس الشَّعب على مناقشة مشروع قانون منح المرأة السُّورية جنسيتها لأبنائها ما أدَّى لوضع كل جهود التنظيمات النَّسوية غير الحكومية على مدار عشرات السِّنين في أدراجٍ مظلمةٍ لن تحظَى بمن يفتحها مجدَّداً!! مكرِّراتٍ هذا الإنجاز(العظيم) مرَّة أخرى عند طرح قانون الطِّفل المعتمد على اتفاقية حقوق الطِّفل التي صادقت عليها الحكومة السُّورية في 13/6/1993 بموجب القانون رقم 8 مع تحفظها على بعض المواد، ما جعل تلك الاتفاقية تدخل حيز التنفيذ في 14/8/،1993 فكنَّ مع الزَّمن ضدّ أطفالهن قبل أطفال غيرهن!
مع تنامي التَّطور في العالم ووصول النِّساء إلى ما كنَّ يعتبرنه حلماً فيما مضى، ومع ازدياد وعي المرأة لذاتها وإدراكها بأهمية وجودها وفعاليتها في المجتمع، يطرح السُّؤال:
إذاً… ما الفائدة من وجودك أيتها المرأة في أماكن صنع القرار إن لم تكوني قادرةً على القيام بأي فعل؟؟؟ وكيف تقبلين ونحن في هذا العصر بأن تكوني مهمَّشةً إلى الحدّ الذي يجعلك ترضخين لأن تكوني لعبةً بين الأيادي ومجرد زينة في صورة؟! أم أن المكاسب المادية هي المبتغى الوحيد لكنَّ يا بعض نساء بلادي، يا من تساهمن في وأد أحلامنا واغتيال الأمل في نفوسنا بأن نحصل على بعض حقوقنا!