الرئيس الأسد للقناة الثانية في التلفزيون الهولندي:مسؤولو بعض الدول الأوربية باعوا قيمهم مقابل البترودولار

 أوضح الرئيس بشار الأسد، في مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الرسمي الهولندي، أن السياسة الغربية تجاه ملف مكافحة الإرهاب غير موضوعية وغير مستقرة، ولذلك فهي غير مثمرة وتحدث أثراً عكسياً. وأكد الرئيس الأسد أن انتهاء الأزمة مرتبط باتخاذ التدابير اللازمة لوقف تدفق الإرهابيين ووقف الدعم اللوجيستي لهم.

وفيما يلي أبرز ما ورد في المقابلة:

السياسة الأوربية جزء من السياسة الأمريكية وليست مستقلة.. الجميع يعرف هذا.. إذاً.. لا أستطيع أن أحكم على السياسة الهولندية كحالة منعزلة.. إنها جزء من هذا المشهد كله.. لنقل إنها جزء من السياسة الغربية فيما يتعلق بالإرهاب.. وهي ليست سياسة موضوعية ولا واقعية.. إنها ليست فقط غير مثمرة.. بل تحدث أثراً عكسياً. لا تستطيع محاربة الإرهاب دون وجود قوات على الأرض ودون حاضنة حقيقية.. حاضنة اجتماعية تدعمك في حربك ضد أولئك الإرهابيين. بعض الدول الأوربية ترسل أجهزة استخباراتها من أجل التعاون.. التعاون الأمني فيما يتعلق بالإرهاب.. لأنهم يخافون من الإرهابيين.. وبالطبع.. رفضنا ذلك.

إذا كنت تقبل كمواطن هولندي.. أن يأتي أحد من سورية ويقول لك من ينبغي أو لا ينبغي أن يكون رئيس وزرائكم.. فإننا نقبل بذلك.. لكنكم لا تقبلون.. وبالتالي فنحن لا نقبل.. نحن بلد ذو سيادة.. وسواء كان هناك رئيس جيد أو رئيس سيئ.. فإن هذه مسألة سورية وليست أوربية. لا شأن للأوربيين بمثل هذا الأمر.. ولهذا فإننا لا نرد.. إننا لا نكترث لذلك. هذه مسالة سورية.. والشعب السوري هو الذي يحدد من يبقى ومن لا يبقى.. إذا كان الشعب السوري لا يريدني.. فسيكون عليّ الرحيل مباشرة.. واليوم.

لم تقم الحكومات الأوربية بما ينبغي لإدماج هؤلاء الناس في مجتمعاتها.. وبالتالي ظلوا يعيشون في أحياء منعزلة (غيتوهات).. وعندما تعيش في أماكن كهذه فستصبح متطرفاً.. السبب الثاني.. هو أن العديد من المسؤولين الأوربيين باعوا قيمهم مقابل البترودولار.. وسمحوا للمؤسسات الوهابية السعودية بدفع الأموال وجلب هذه الأيديولوجيا المتطرفة إلى أوربا.. لهذا السبب أنتم الآن تصدّرون الإرهابيين إلينا.. نحن لا نصدّر الإرهابيين.. في الواقع.. إنهم يأتون إلى سورية ومن ثم يعودون إلى أوربا.

المجرمون الثلاثة الذين ارتكبوا هجمات باريس جميعهم كانوا يعيشون في أوربا.. في بلجيكا وفرنسا وغيرها.. لم يكونوا يعيشون في سورية.

ما العلاقة بين وجود هذا الرئيس أو أي رئيس آخر في السلطة وقدوم (داعش) و(جبهة النصرة) والقاعدة وجميع الإرهابيين إلى سورية للقتل وقطع الرؤوس.؟ ليست هناك أي علاقة.. كل هذا يهدف إلى تضليل الرأي العام والقول إن المشكلة في سورية تتمثل في الرئيس.. يريدون القول.. من الأكثر أهمية الرئيس أم البلد وبالطبع فإن الجواب هو البلد.. وبالتالي.. على الرئيس الرحيل.. هذا هو السؤال الذي يحاولون ترويجه.. المعادلة الوحيدة بالنسبة للرئيس هي الرأي العام في بلده.. كما في أي بلد آخر.. عدا ذلك.. إذا كانوا جادين في حل المشكلة في سورية، بدلاً من أن يحاول كل مسؤول أوروبي أن يلقي مواعظ قد تكون أكثر ملاءمة للكنائس والجوامع.. وليس للسياسيين.. فعليهم أن يعملوا على وقف تدفق الإرهابيين والأموال والدعم اللوجستي والأسلحة عبر تركيا.. هذا ما ينبغي أن يفعلوه.

كل شخص يحمل السلاح ويقتل الناس ويدمر الممتلكات العامة والخاصة إرهابي.. وبالتالي.. فإننا كحكومة لا نتفاوض مع الإرهابيين.

إذاً.. كيف نتعامل مع ذلك؟ كيف نتعامل مع هذا الوضع؟ لأننا واقعيون وبراغماتيون جداً.. فقد تفاوضنا مع مجموعات من المسلحين وليس مع تنظيمات.. نحن لا نعترف بشرعيتهم.. لتقل إننا نتفاوض معهم حول مستقبل سورية.. فجميعهم إرهابيون وليست لديهم أي أجندة سياسية.. لقد تفاوضنا مع إحدى هذه المجموعات كي يعود أفرادها إلى حياتهم الطبيعية.. ولتسليم أسلحتهم وأن يشملهم العفو، وقد نجح ذلك.. هذا حل واقعي يتم تطبيقه على الأرض الآن.. ويتم الانتقال به من منطقة إلى أخرى.

إننا نتحدث إلى كل من يريد أن يساعد في حل المشكلة.. ليست لدينا مشكلة في الحديث.. السؤال هو.. من هو مستعد لتقديم الحلول؟ ذاك هو السؤال.

لأكون موضوعياً.. لم نصبح أوربا بعد.. وهذه قضية ثقافية وليست سياسية وحسب.. لكننا على الطريق نحو المزيد من الديمقراطية في سورية.. إننا نتحرك ببطء لكن بثبات.. الأمر لا يتعلق بالرئيس.. لأن سورية ليست شركة أملكها.. بل هي بلد وفيها شعب.. أعني أن العملية الديمقراطية عملية اجتماعية وسياسية في الوقت نفسه.. ونحن نتقدم إلى الأمام.

لدينا معارضة.. وبوسعك أن تلتقي بهم.. فهم هنا في سورية.. إنهم يعيشون في سورية ولديهم قواعدهم الشعبية السورية.. هناك معارضة كبيرة وصغيرة.. حديثة وقديمة.. ليست هذه هي القضية.. لكنهم موجودون ويُسمح لهم بالعمل. لقد أقمنا سياستنا على دعامتين رئيسيتين: الحوار ومحاربة الإرهاب.. واليوم سنستمر في محاربة الإرهاب، وسنستمر في إجراء الحوار مع كل طرف ضالع بما يحدث في سورية.

لا أستطيع أن أحكم على نفسي لأنني لن أكون موضوعياً في الحديث عن نفسي.. السوريون هم من يمكن أن يقولوا ما إذا كان الرئيس قد فعل ما يكفي أو لا.. في البداية.. ذكرت وجود عمليات قمع.. العديد من الناس قالوا إن الرئيس لم يقم بما يكفي لقمع أولئك الإرهابيين.. هذا يتناقض مع ما ذكرته عما ينشر في الغرب.. وبالتالي.. كي يكون المرء موضوعياً.. ولكي نحكم جميعاً على هذا الوضع كسوريين.. ينبغي أن يتم ذلك بعد نهاية الأزمة لأن النتيجة ستنبئك عن البداية.. لا نزال الآن في وسط الأحداث.. وبالتالي.. يصعب الحديث عن ذلك.

ورداً على السؤال الأخير.. كم من الوقت سيستغرق التوصل إلى حل لهذه الأزمة؟ قال الرئيس الأسد: إذا اتخذت البلدان المسؤولة التدابير اللازمة لوقف تدفق الإرهابيين والدعم اللوجستي، أستطيع أن أضمن أن الأمر سينتهي خلال أقل من عام.

لكن المشكلة هي أنهم ما زالوا يدعمون الإرهابيين وبشكل يومي ومتزايد من أجل إحداث المزيد من الفوضى ووضع العقبات أمام أي حل.. لأن الحل الذي يريدونه.. ما يسمونه حلاً سياسياً.. ينبغي أن ينتهي بتغيير هذه الدولة والتخلص من هذا الرئيس أو الإطاحة به.. وما إلى ذلك.. لهذا السبب فإن الأزمة ستستمر.

العدد 1140 - 22/01/2025