الفن… نبض التاريخ والحضارات
منذ أن وعى الإنسان وجوده في الحياة، وقبل أن يعي آلية النطق والكلام، اتخذ من الخطوط والإشارات والرموز وسيلة للتعبير عمّا يُفكّر فيه تجاه محيط وجوده، فكانت جدران الكهوف والمغاور بدايةً أداته الوحيدة، ثم شكّلت الرُّقُمْ والقطع الطينية لوحات خلّدت ذلك الوجود بمختلف أنشطته عبر التاريخ السابق لطقوس المعابد التي كانت تعبيراً راقياً عن علاقة الروح والجسد بآلهة مُتخيَّلة ومجهولة.
ومع استمرار الحياة، وتفتح وعي الإنسان على فضاءات أخرى أكثر تعقيداً في علاقته بالطبيعة والمجتمعات والحياة، أصبح الفن أكثر حضوراً وفاعلية وتأثيراً لا يقلُّ عن تأثير الأديان والسياسة في خيارات واتجاهات الأنشطة الإنسانية متعددة الاتجاهات، كما لعب الفن دور المؤرّخ الرمزي أو المباشر في مختلف الحضارات المتعاقبة حتى بتنا اليوم نعرف كل حقبة تاريخية من خلال ما خلّفه الفن في العمارة أو الآداب المتنوّعة.
وهنا نتلمّس الدور الهام والحسّاس لمختلف أنواع الفنون وتأثيرها في الرأي العام من خلال ما تبثُه وتبتغيه، خاصة أننا في زمن الانتشار السريع على مختلف وسائل التواصل، ولا أدلُّ على ذلك من الحرب السورية التي استأثرت باهتمام الرأي العام العالمي والمحلي من خلال ما نُشر من صور ومعارض وأعمال تلفزيونية وسينمائية ألقت جميعها الضوء على تلك الحرب التي التهمت نيرانها كل مقومات الحضارة والإنسانية والعيش بكرامة تليق بالسوريين على مختلف انتماءاتهم واتجاهاتهم واختلاف رؤاهم.
لقد لعبت مختلف الأعمال التي تناولت تلك الحرب دوراً مؤثّراً، في الرأي العام المحلي في الشارع السوري أو الإقليمي أو العالمي، وإن كان هذا التأثير باتجاهين متنافرين ما بين موالاة ومعارضة، كما أرّخت بعض الأعمال لتلك الحرب بما احتوته من رؤىً متنوعة. لذا لا يمكننا تجاهل أهمية وجود الفنون جميعها في حياة الإنسان والمجتمع.