رغم جنون أسعارها وبعدها عن الرقابة..أدوات كهربائية وإلكترونية «ستوك » في أسواقنا!
طالبت الحكومة وزارة الصناعة بضرورة التأكد والتحقق من صحة منشأ الغسالات والبرادات المنتجة في إحدى الشركات اللبنانية، إضافة إلى ضرورة التأكد من قيمتها المضافة المطلوبة والتي يجب أن تتجاوز 40% وفقاً لأحكام اتفاقية التجارة الخارجية الحرة العربية الكبرى.
الكثير من المستهلكين في سورية يعانون من سوء تصنيع الأدوات الكهربائية والإلكترونية الموجودة في أسواقنا المحلية، وعلى الرغم من ارتفاع أسعارها وتسعيرها وفق سعر الصرف وغياب هامش ربح محدد لهذه التجارة (المخفية).
ورغم كل ذلك فإن المستهلك يغبن مرتين:(في سعرها، وفي جودتها)، وكما يقال بلغة السوق: (هذه بضائع أرباحها مخفية)! بمعنى أنه من الصعب أن يعرف المستهلك نسبة الربح أو السعر الحقيقي للقطع الكهربائية والإلكترونية، ويبقى التسعير لا وفق العرض والطلب، بل وفق المزاجية والاستغلالية، فهل سمعنا مرة واحدة بأن التموين قام بمخالفة بائع للقطع الكهربائية أو بائع للجوالات أو بائع للغسالات أو الأفران أو الهواتف والشاشات؟.. طبعاً لم نسمع بذلك قط، وكأن هذه الأسواق خارج نطاق (التغطية الرقابية) ولا تعني المستهلك السوري، على الرغم من أنها تستنزف منه مبالغ هائلة وطائلة لتأمينها، فحالياً أسعارها بلغت عنان السماء، فأرخص ثلاجة سعرها 125 ألف ليرة وأرخص تلفاز سعره يتجاوز 30 ألف ليرة.
فلماذا هذا التسيب في الرقابة؟ وأين هي المواصفات القياسية التي يجري استيراد هذه التجهيزات وتصنيعها وفقها..؟ طبعاً لن نحصل على جواب لأن لا أحد يملك الجواب الشافي، ولا أحد يعلم كيف تدخل هذه البضائع المستوردة إلى أسواقنا، ولا كيف تجري مراقبتها وتسعيرها..
التاجر فيصل العطري قال لـ(النور) إن هناك أدوات كهربائية خطرة وصناعة رديئة، وأجهزة تكاد لا تعمل، بمواصفات مكذوبة، وأموال تُهدر بلا طائل!! لافتاً إلى أن معظم المجتمعات في دول العالم الثالث تميل لتقييم البضائع من بلد التصنيع!!، مضيفاً: (يقرن البعض سوء الجودة بالبضائع الصينية، وهذا كلام مجحف لبلد تجاوز الولايات المتحدة بمعدل صادراته، إذ صدّرت الصين ما قيمته 3,87 تريليونات دولار فيما بلغ إجمالي صادرات الولايات المتحدة 3,82 تريليونات دولار، وكلا الرقمين لسنة 2012)..
ما هي المشكلة؟
يقول العطري متسائلاً: لماذا نجد السلعة المصدرة إلى بلادنا ذات سوية سيئة، بينما نجد السلعة نفسها المصدرة من الشركة نفسها جيدة في بلد آخر؟!!.
ويجيب قائلاً: للأسف، يميل المواطن العربي غالباً لاعتماد البضاعة الأرخص دون أي مراعاة أو محاولة لفهم الفارق في الجودة، مما يدفع المستورد للضغط على الشركات لتخفيض الأسعار، فتقوم بعض الشركات بتخفيض الجودة مستغلة ثقة المستورد بالشركة ورغبته بالتوفير، مما يدفعه لاعتماد شركات غير مؤهلة للتحقق من الجودة.
وأشار إلى أن الحقيقة وللأسف معظم البضائع المستوردة لأسواق سورية ومصر والعراق وبلدان أخرى بمنطقتنا تتنافس بالوصول للقب الأسوأ، ورغم اعتماد الحكومة السورية شركات عالمية لفحص الجودة كشرط للاستيراد إلا أن هذا شكل عائقاً إضافياً للاستيراد دون أن يؤدي لرفع السوية، بل على العكس رفع مسؤولية التاجر عن البضاعة السيئة التي يستوردها، مما دفع الحكومة لإلغاء هذا الشرط لاحقاً.
وأضاف:(يؤدي استيراد البضائع السيئة إلى استنزاف القطع من البلد، إضافة إلى استنزاف المواطن، فهو مضطر للصيانة ولشراء السلعة نفسها عدة مرات).
ما هو الحل؟!
التاجر العطري قال: (برأيي هناك خطوات تؤدي إلى التخفيف من هذه المشكلة ويجب تطبيقها على السلع المستوردة والصناعة المحلية:
1-إلزام البائع أن يوضح بشكل صريح إن كانت بضاعته مكفولة أم لا، وأن يذكر طريقة الكفالة (مكان ورشة الصيانة، آلية الصيانة (استبدال خلال ثلاثة أيام أو صيانة خلال مدة لا تتعدى يومي عمل إذا حدث العطل بعد هذه الفترة) وإرجاع القطعة إذا طلب الزبون في حال تكرر عطل ناجم عن سوء الصنع أكثر من مرة، مدة الكفالة المجانية، شروط الكفالة (يجب التخلص من إحالة كل الأعطال إلى مشاكل التيار الكهربائي، توفّر قطع التبديل بعد انتهاء الكفالة).
2-إلزام البائع باستبدال أي سلعة تحقق معايير الكفالة ويعجز عن صيانتها خلال فترة الكفالة مهما كانت الأسباب، أو إرجاعها.
3-في حال كون السلعة مخالفة لشروط الكفالة (كسر، سوء استخدام، نزع لصاقة الكفالة ) يجب على البائع إثبات الحالة وإعلام المستهلك فوراً مع التكفل بإصلاح السلعة بشكل مأجور.
4-يجب على البائع الإعلان بمكان بارز عن صدق مواصفات البضاعة التي يعرضها أو عدم مسؤوليته عن صدق المواصفات، وفي حال تأكيده أن مواصفات بضاعته صحيحة وتبين أنها غير ذلك يتم إحالة عدة عينات إلى جهة علمية معتبرة ومحايدة وفي حال أكدت أن المواصفات كاذبة يتم التحقق من كمية البضاعة المستوردة ومخالفة المستورد عن كامل البضاعة الواردة بالبيان.
5-يجب أن يتم إلصاق تنبيه بأكثر من لغة عن مواطن الخطر في السلعة وتعليمات السلامة.
6-في حال تسبب أي سلعة مستوردة أو مصنعة محلياً بأي أذى لأي مواطن دون أن تخضع لأي فك أو تعديل أو مخالفة لأحد تعليمات السلامة من قبل مالكها (صدمة كهربائية، حريق..) تُجلب أكثر من قطعة مماثلة من متجر البائع وتحال هذه القطع إلى جهة علمية معتبرة ومحايدة لدراستها وتقديم تقرير، وفي حال ثبت أن السلعة قد تسببت بالأذى بسبب سوء صنعها وأن سوء الصنع متكرر بأكثر من عينة، يحق للمواطن الرجوع على البائع بطلب التعويض ويتم التحقق من بيان الاستيراد أو جدول كميات التصنيع إن كانت صناعة محلية، وتصادَر كل الكميات المتوفرة ويلزم البائع بالإعلان بالصحف الرسمية لأكثر من ثلاث مرات مع وضع يافطة في مكان ظاهر بمحله عن أن هذه القطع تتسبب بأذى، وأنه على استعداد لإرجاع أي قطعة خلال ثلاثين يوماً، ويلزم بإعادة كامل قيمة السلع التي يطلب الزبائن إرجاعها مهما كانت حالتها.
وختم الفيصل قوله: أخيراً أرجو أن يعي المواطن والمستهلك أن البضاعة الرخيصة هي كذلك لأنها غالباً سيئة، وأن البضاعة (رخيصة وظريفة وبنت عالم وناس) غير موجودة إلا في الأحلام.
معظمها «ستوك»!..
بالمقابل أوضح مسؤول في اتحاد حرفيي دمشق في تصريحه لـ(النور)، أن معظم الأدوات الكهربائية المستوردة من الخارج غير أصلية و(ستوك)، مشيراً إلى أنه رغم تدني جودتها فإنها ذات سعر مرتفع جداً.
ولفت إلى أن أسعار الأدوات الكهربائية في الأسواق المحلية تضاعفت أكثر من 200%، دون أي رقيب على أسعارها، إذ يجري تسعيرها وفق مزاج البائع وليس وفق العرض والطلب أو التكلفة الحقيقية، منبهاً إلى أن أسعار المواد الكهربائية تعتبر محررة رغم تحديد هوامش ربحها، ولا يوجد ضابط لها، حتى أن أرباحها لا يمكن الوقوف عليها.
وأوضح أن البضائع الكهربائية من (وصلات كهربائية ومولدات وتلفزيونات وحتى فيش الكهرباء) تباع على أنها أصلية، ولكن لدى تجربتها يتبين أنها على عكس الواقع، فهي لا تصمد إلا بضعة أيام أو شهور كحد أقصى.
وسأل: (ألا توجد لجنة تقوم بفحص البضائع الكهربائية التي تدخل إلى سورية؟ هل قامت وزارة التجارة الداخلية وغرفة تجارة دمشق بإجراء جولة على سوق الكهرباء في دمشق، ليتعرفوا على الأدوات الكهربائية التي يتم استيرادها ومدى كونها مغشوشة أو غير ذلك؟).
ولفت إلى أن مستوردي الأجهزة الكهربائية مشكورين رغم تفشي الغش، لأنهم يقومون بتلبية حاجات المواطنين من هذه الأدوات، ولكن نؤكد أن الجودة مطلوبة والتقيد بالمواصفات السورية مطلوب أيضاً.
وأشار إلى أن الاتحاد يملك خبرة واسعة في فحص الأدوات الكهربائية، مبدياً استعداد الاتحاد للإشراف على جودة هذه الأدوات، مؤكداً أن هناك العديد من الشكاوى التي ترد إلى الاتحاد حول سوء تصنيع هذه الأدوات، عدا خطورتها أثناء الاستعمال كونها تتعلق بالكهرباء وقد تسبب الحرائق والخسائر الفادحة لدى المستهلكين.
وعن الصناعة المحلية لهذه الأدوات قال: لدينا نقص في اليد العاملة الخبيرة في هذا المجال، مشيراً إلى أن المهن الحرفية أصبحت غير دقيقة حالياً، ويوجد تعديات عليها من أشخاص غير مؤهلين لها.
غير صالحة للاستعمال
وكان رئيس الجمعية الحرفية للأدوات الكهربائية وحيد بارة كشف عن قلة وضآلة العمل والإنتاج لمثل هذه الحرفة، وذلك بسبب كثرة المواد المستوردة من أدوات كهربائية وتلفزيونات سيئة جداً وغير صالحة للاستعمال، وقيمة ضرائب الدخل المقطوع التي تفرض بحق الحرفيين عالية ولا يمكن لأي حرفي أن يتحمل مثل هذه الضرائب غير العادلة، لأن ممثل الجمعية الحرفية في لجان الاستئناف لا يؤخذ برأيه في التقييم، ولا يتمتع بدور فعال، وأن يكون لممثل الحرفي لدى الدوائر المالية الحق بتقييم وضع الحرفي حسب إمكانياته وتقدير ضريبة الدخل.
يشار إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حددت مؤخراً الحد الأقصى للربح في إنتاج الأدوات والأجهزة الكهربائية، أو استيرادها من قبل القطاع الخاص بـ 15% للمستورد وتاجر الجملة، و10% لبائع المفرق، و5% بدل صيانة، وللمنتجة محلياً 20% للمنتج وتاجر الجملة، و10% لبائع المفرق، و5 % بدل صيانة.