عام الاحتواء الاقتصادي والتهيئة للعودة المأمولة
انتهى العام السادس للأزمة السورية المركبة المعقدة وفق ثوابت لم تتجاوز ووفق آمال لم يحصل عليها شعب تفوق على نفسه بالصبر والتحمل والالتفاف حول المؤسسة العسكرية وحول أي نفس يقاتل لتطبيق القانون وحماية المجتمع من الفوضى وإعادة روح المحبة والتضامن عبر مصالحات ومسامحات ونوايا وطنية حسنة، ما يهمنا هنا أن العام الماضي كان عاماً لاحتواء النوايا السيئة المتجهة للانهيار الاقتصادي بعدما عجزت القوى الخارجية وحلفاؤها وأدواتها الداعشية الداخلية من نيل أمانيها عبر الرصاص الإرهابي، فكان التفكير الأهم إسقاط الدولة السورية وتحويلها إلى دولة فاشلة عبر خلق أزمات تواكب التدمير الممنهج للمصانع والمباني والمدارس والمستشفيات، وإن نجحت القوى العميقة بتجاوز الكثير من الأزمات إلا أنه ا لم تستطع تجاوز ثوابت كانت مدخلاً للأزمة الاقتصادية والاجتماعية لتهشيم البنى الصلبة وشق المجتمع السوري، فالموضوع الاقتصادي الهادف لتجاوز نهج القلة المتلبرل الذي اعتبر انقلاباً حقيقياً للمجتمع السوري اعتبر خطاً أحمر لا يجوز الاقتراب منه فاستمر السعي لسحب الدعم عن المحروقات ووصلوا إلى ما جاهدوا من أجله عبر رفع أسعار الوقود الأمر الذي رفع الأسعار وأوصل التضخم إلى حوالي 1000 بالمائة واستمرت عمليات القطع أمام كل دور لمؤسسات التدخل الإيجابي ومحاولة الحكومة المشاركة بالاستيراد وعرض السلع لقطع الطريق أمام محتكري المواد، وكذلك استمر العمل على تفريغ الخطوط الائتمانية من الدول الراغبة للمساعدة وإن كانت بإرادة باردة ولم يعمل على توسيع مجال المقايضة والمبادلة للتخفيف من الضغط على سعر الصرف، وكان أداء وزارة حماية المستهلك بأسوأ أيامه تماشياً مع تفريغ دورها واستمرارية توسيع الأزمات ليكون هناك غرائزية بالأسعار وفوضى استفاد منها التجار وإن سمعنا تصريحات نارية لمعاقبة المخالفين ولكنها بلا أي فعالية.
وأما التسعير الإداري فخط أحمر ممنوع الاقتراب منه، وبخصوص سعر الصرف استمرت اللعبة وإن تغيرت الوجوه فبعد السياسات النقدية العجائبية التي هدفت لمعاقبة من وقف مع الوطن ومع المؤسسة العسكرية وبعد المكافآت لمن يعمل خارجاً وبعد الرضوخ لنوايا قوى الفساد التي نهبت جزءاً من محتويات المركزي وبعض الدول التي تمنع أي تقوية لحصون الداخل وبعد أن فوجىء الجميع بتدخلات المركزي العجيبة لرفع سعر الدولار بعد أن هبط لحدود الـ300 ليرة وأصيب بالجلطة الكثير من المسؤولين، جاءت السياسة الجديدة لحاكم جديد أو تصريح له بأنه سيعيد الطبقة الوسطى فتدخل ورفع الدولار من 470 لحدود 540 ويثبته عليه، واستمرت سياسات الاستيراد من دون توسيع ولا جدولة فلا يسمح بالاقتراب من سلع ورفاهية بعض الفئات المصونة،
وتستمر الأزمات وتخلق جديدة بحيث يستنتج ان هناك من لا يريد الاستقرار ولا يرغب بالوصول لحل للأزمة التي أغنت البعض وأفقرت الأغلبية بحيث هبط حوالي 90 %من الشعب للفقر المدقع وخاصة بوجود نحو 7 ملايين نازح داخلي، وأما نيران الفساد فاستعرت وأصابت كل الحصون ورغماً عن إرادة الجميع لقوننته وردع من يريد مواجهته، وعلى الرغم من النوايا الحسنة والعمل الدؤوب لحكومة المهندس عماد خميس فكان هناك من يتربص لها لتفريغها وعرقلتها فحتى الآن هي حكومة الحركة بلا بركة لأسباب ذاتية وموضوعية ولاستمرار الاعتماد على أدوات معرقلة لأي مشروع اقتصادي معالج للأزمة فموضوع النهج الذي يراعي الخصوصية السورية ممنوع من النقاش لأن قوى الفساد والإفساد المرتبطة بالخارج جاهزة والقرارات التي تتجاوز الخطوط الحمراء التي تضعها الحكومة جاهزة وأكبر دليل على ذلك موضوع الدواء ورفعه من دون موافقة رئيس الوزراء ووزير الصحة رغم انعكاس ذلك على كل شرائح المجتمع من معاقي الحرب والنازحين والجرحى وكبار السن مع محاولة تقويض دور المؤسسات الحكومية الصحية من دورها وتفريغ محتوى مؤسسات التأمين الصحي من خدماتها بعد تعجيز مؤسسات القطاع العام عن أدائها الشامل لقطع حصة وإقحام بعض الأفراد من القطاع الخاص، والاستمرار بتخسير القطاع العام والذي لا بد من عودة دوره لمواجهة المافيات الاقتصادية الهادفة للاغتناء على حساب الدم والأرض،
هذه القوى التي تختلق الأزمات من أزمة كهرباء وغاز وبنزين لبث الفوضى وسحب الثقة بين المواطن والحكومة هذه الثقة التي ستزداد إن أحسن الآداء بوجود نوايا حسنة وإرادة قوية للوقوف مع المواطنين الشرفاء الذين وقفوا مع الوطن من جميع المناطق وفي جميع الأماكن، ونتأمل خيراً من ما ظهر من تسهيلات حكومية لجذب المستثمرين السوريين ولكشف الثغرات والإعلان عن جزء من الفاسدين وإن لم نشهر بهم ومحاسبتهم فلا جدوى، وإن التغيير الداخلي الوطني الذي سعينا ونسعى له لا يتم من دون تغيير العقلية القائم على أسلوب جديد للتعيينات يعتمد على الكفاءة والخبرة لا تعيينات تقوي الفساد الممنهج وتحصن أدواته، ومن دون السعي لسياسات صرف حقيقية تؤدي لتخفيض أسعار المحروقات الأمل ضعيف،
إن إعادة الاعتبار للطبقة الوسطى وإن كانت بمعايير أزموية شرط ضروري للانطلاقة الجديدة، إن أي نهج اقتصادي لا يراعي الحالة الأزموية لن ينجح وأي نهج لا يعتمد على تشاركية حقيقية بين العام والخاص لن يفيد وأي نهج لا يكون وفق خطط حكومية تكون للحكومة اليد الطولى في وضع ومراقبته ومعاقبته لن يستمر، إن إعادة روحية دور المؤسسات أس القادم المأمول وإن احتواء انعكاسات الأزمة في العام الماضي رغماً من دواعش الداخل والخارج دليل العافية والقدرة للانطلاقة الجديدة ودليل سحق وهزيمة أدوات الانقلاب الاقتصادي وبقايا فلولهم المتغلغلة بمفاصل المؤسسات، إن انتصار المؤسسة العسكرية بمؤازرة الشرفاء من الوطنيين من كل الألوان السورية بالداخل والخارج هو الأمل لقادم جميل لا يرخص الدم الذي روى التراب ولا يعنون الفقر والبطالة والفساد عنوان..عاشت سورية وعاش الدم السوري الطاهر النقي.. ويبقى الأمل زادنا والعمل أداتنا ونصر الدم السوري عنواننا..