آلاف الأطنان تتدفق على الموانئ السورية…أكثر من مليار ونصف قيمة استهلاك السوريين للمتّة
المتّة، المشروب الشّعبي الذي دخل كل بيت سوري تقريباً، في فترة ليست بطويلة، أصبح الآن المفضّل لدى أغلبيّة السوريين. قبل عدة سنوات كانت المتّة معروفة في السّاحل السوري والقلمون فقط، ولكنها الآن وسّعت نطاقها حتى أصبحت تشمل سورية كافةً، فقد دخلت كل منزل سوري، وأخذت مكانها في كل جلسة، واجتماع، ويبدو أن ذلك هو السّبب الرئيسي وراء ارتفاع سعر هذه المادّة، فقد أصبح سعرها يقفز قفزات كبيرة، جعلت الناس يشتكون هذه الارتفاعات، ويتساءلون عن أسبابها.
وككل السّلع تضاعف سعر المتّة عشرة أضعاف أو أكثر، فبعد أن كانت العلبة الواحدة منذ عدة سنوات بخمس وعشرين ليرة سورية، أصبحت ترتفع تدريجياً إلى المئة، ثم مئة وخمسين ليرة، ثمّ مئتين، ثم ثلاثمئة وخمس وعشرين، اليوم أصبحت علبة المتّة بأربعمئة ليرة سورية، والحقيقة أن هذا الرقم ليس بقليل وهو يفوق عشرة أضعاف سعرها السابق الأصلي.
ومن الطّرافة في هذا الموضوع أنّ الجهات المسؤولة عن مراقبة الأسعار باتت الآن تدعو الناس لمقاطعة هذه المادّة أو تلك، بغية خفض سعرها، فقد صرّح نائب مدير جمعية حماية المستهلك قاسم بريدي لوسائل الإعلام بضرورة مقاطعة عدد من المواد والسّلع في الأسواق لفترة زمنية محدّدة ومن ضمنها مادّة المتّة، بغية خفض الأسعار وذلك بعد أن تجاوز سعرها 400 ليرة سورية في بعض المناطق وندرتها في مناطق أخرى.
وقال البريدي ما دام هناك استهلاك كبير لمادّة المتّة فلماذا لا تدرج ضمن قائمة المواد الأساسية؟؟، معلّلاً أنّ ارتفاع السّعر يرتبط بجملة من العوامل منها موضوع شحن المادّة واستيرادها وتأثّر الأمر بوضع الطّرقات وتكاليف النّقل والشّحن، إضافةً إلى قلّة عدد المستوردين للمادّة في السّوق، معتبراً أنّ كثيراً من المواد باتت محرّرة والأمر مرتبط بالعرض والطّلب، ذاكراً أن كثيراً من السّلع والمواد ارتفع سعرها 13 ضعفاً خلال الأزمة.
وأضاف بريدي أن ارتفاع السّعر مرتبط بقلّة الكميات المورّدة من المّادة وكثرة الطلب عليها، وارتباط الأمر بالظّروف الرّاهنة وارتفاع الدّولار، مشيراً إلى أهميّة زيادة عدد المستوردين للمادّة في السّوق. ولكنّ المواطن لا ينتظر دعوات لمقاطعة المواد، بل ينتظر رقابةً حقيقيةً على كل الأسعار ليس فقط المتّة، هذا ما عبّر عنه سامح (موظف) قائلاً: من المضحك حقّاً أن تطلب منّا جمعية حماية المستهلك مقاطعة بعض المواد، الأولى أن يهتمّوا أولاً بمراقبة الأسواق وعمليات الغش والرفع الجنوني للأسعار، ثم فليطلبوا منّا مقاطعة المواد.
أمّا نهى (معلّمة) فقد قالت باستهزاء: أصبح الآن رفع سعر المواد وخاصّة الغذائيّة هواية يمارسها التّجار والمستوردون، فقد أصبحنا نشهد خلال الشّهر الواحد ارتفاعاً في سعر مادّة واحدة مرتين أو ثلاث على حسب رغبتهم، أو بالأصح على حسب مللهم وضجرهم.
أحمد(طالب ويسكن في السّكن الجامعي) يقول: إلى متى سيبقى التّجار يتحكمون بمعيشتنا؟ لم يعد الآن بإمكاننا شراء المتّة كما في السّابق، فقد أصبح سعر العلبة الواحدة أربعمئة ليرة سورية، هذا إن لم ترتفع في الأيام القادمة أكثر. أم أحمد(ربّة منزل) قالت: أين جمعية حماية المستهلك من كل هذه الارتفاعات؟ لم نر أي ضبط لمخالفات في الأسواق، وارتفاعات الأسعار مستمرّة دون توقّف، لم تعد تصلح لنسميها حماية المستهلك، إنّها لحماية نفسها والتجّار فقط، نحن لا ننتظر منهم أن يطلبوا منّا مقاطعة المتّة أو غيرها، نحن ننتظر منهم أن يراقبوا الأسواق، ويضبطوا هذه الارتفاعات الجنونية لكل المواد وليس فقط المتّة.
يذكر أنّ التّصنيفات الأخيرة تعتبر سورية أهم مستهلك للمتّة خارج أمريكا اللاتينية، فهي تستهلك 60% من إنتاج الأرجنتين، التي تعد المصدّر الرئيسي للمتّة بنسبة 100%. ويستهلك السوريون نحو 1200 طن من المتّة شهريّاً، أي ما قيمته 144 مليون ليرة سورية، كما تعدّ سورية المستورد الأوّل لمادّة المتّة في المنطقة، إذ تشتري سنوياًّ نحو 24 ألف طنٍ من المتّة حسب آخر الإحصائيات، وكان أحد تجّار المتّة قد ذكر سابقاً أنّ كميات المتّة الموردة انخفضت إلى ما بين 10 و15% خلال الأزمة، نتيجة صعوبة استيرادها، ما ساهم أيضاً في رفع أسعارها.
يذكر أنّ أسعار مادة المتّة شهدت تأرجحاً واضحاً، نتيجة الأوضاع الراهنة التي شهدتها بعض المناطق الصناعية في ريف دمشق، مثل عدرا العمّاليّة ويبرود حتى وصلت في 2016 إلى 400 ليرة سورية.