السباق بين ترامب وهيلاري كلينتون

بعد ترشيح الحزب الجمهوري الأمريكي ترامب، والحزب الديمقراطي الأمريكي هيلاري كلينتون رسمياً لخوض الانتخابات إلى البيت الأبيض، انطلق سباق محموم بينهما، يمكن أن يوصف كما ذكر مراقبون ومحللون سياسيون بأنه سباق إثارة وتشويق، وذلك حتى يوم الفصل في  الثامن من تشرين الثاني المقبل من هذا العام، تاريخ الاقتراع الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية.

وأياً كان الفائز منهما في ذلك اليوم، فسيكون لهذه المنافسة صدى أوسع من سابقتها، وذلك لعدة أسباب أهمها: طبيعة كل من المُرشحين، والظروف التي مرت بها الحملات الانتخابية.

بطبيعة الحال من الصعب التكهن في الوقت الحالي بمن سيفوز في انتخابات تشرين الثاني القادم، كما ذكرنا قبل قليل، ليكون الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين، أهو المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب، أم المرشحة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون؟

فإذا فاز ترامب فسيكون أول رئيس أمريكي يحمل توجهاً عنصرياً مفضوحاً سيُسبب مشكلات وأزمات تفاقم الأوضاع المتوترة أصلاً بين الأمم والأديان، وقد لوحظ منذ الإعلان عن ترشحه بأن هذا التوجه جلب له تبرّماً واشمئزازاً داخل الولايات المتحدة وخارجها، ولم تعد سراً المواقف الدولية المعبرة عن عدم ارتياحها لخطاب ترامب وتوجهاته، وهي تعلن على الملأ أنها لا تتمنى له النجاح ورؤيته في البيت الأبيض الأمريكي يوم العشرين من كانون الثاني عام 2017.

أما إذا أصبحت كلينتون هي الرئيسة الأمريكية، فسيعتبر ذلك حدثاً غير مسبوق، وسيثير كثيراً من الجدل بين الأمريكيين باعتبارها أول سيدة تبلغ هذه الدرجة في البيت الأبيض، بعدما عاشت في ذلك البيت ثماني سنوات مع زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون.

وأسباب الجدل أن غالبية كبيرة من الأمريكيين مازالت تستكثر على امرأة أن تكون رئيسة للدولة الأعظم، خصوصاً في هذا العهد الذي باتت تواجه فيه منافسة كبيرة من روسيا، ودول أخرى أدت إلى تراجع نسبي في نفوذها وسطوتها.

 وكشفت الانقسامات والفضائح التي شهدها المؤتمر العام للديمقراطيين في فيلادلفيا، عدم قناعة كثيرين بتولي كلينتون الرئاسة، وقد تجلى بوضوح في غضب أنصار بيرني ساندرز، منافسها في الانتخابات التمهيدية للحزب.

وعلى الرغم من خضوع ساندرز لـ (المشيئة الديمقراطية) وإعلان دعمه للسيدة هيلاري كلينتون، إلا أن ما حدث في فيلادلفيا سيترك ندوباً واضحة على وجه الحزب قد تؤثر بشكل كبير على التعبئة الانتخابية في الأشهر المقبلة، ذلك أن نسبة كبيرة من الديمقراطيين كانت ومازالت ترى أن لساندرز رؤية مختلفة تتبنى نموذجاً للديمقراطية الاجتماعية الاشتراكية المتبعة في الدول الإسكندنافية في شمال أوربا، على عكس هيلاري كلينتون التي تتبع خطاب حزبها التقليدي.

ويرى بعض الديمقراطيين أنها إذا أصبحت رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية، فإنها ستواصل سياسات الرئيس الحالي باراك أوباما، كما ستستلهم من إرث زوجها بيل كلينتون في تسعينيات القرن الماضي، على الرغم من التغيرات الداخلية والدولية التي تتطلب مقاربات لا تكرر المجرّب وما قد سبق من ممارسات وسياسات، خاصة على الصعيد الخارجي وفي ظل صعود دول جديدة في العالم لم تعد تقبل بانفراد الولايات المتحدة بالقرار الدولي مثل روسيا والصين.

وبالمقابل، لا يبدو الحزب الجمهوري ومرشحه ترامب مريحاً أيضاً، فقد أُرغمت غالبية المندوبين في الحزب الجمهوري على تزكية ترامب مرشحاً رسمياً للحزب، وذلك وسط انقسامات وتشاؤم حول مستقبل الحزب، بعد أن عزز الخطاب المتطرف الذي تبناه ترامب المخاوف بين الجمهوريين أنفسهم، ومن المفارقة أن ذلك الخطاب هو الذي منحه التفوق على منافسيه في الانتخابات التمهيدية حتى أصبح سيد الحزب بلا منازع.. وكلما أظهرت الاستطلاعات تقدم على منافسته كلينتون، ارتفع مؤشر القلق الدولي، فالدول الأوربية ومنها ألمانيا، لا تريد أن يكون ترامب في البيت الأبيض، وستكون الأيام المتبقية على موعد الاقتراع مجال كبير للمفاجآت والإثارة.

العدد 1140 - 22/01/2025