أوهام «معارضة الرياض»

لقد وقف العالم كله، وبضمنه الولايات المتحدة، شاهداً على تغيّر ميزان القوى في الميدان السوري لمكافحة الإرهاب، بعد صمود الجيش العربي السوري، وبعد الدعم العسكري الروسي له، منذ ما يقارب الثلاثة أشهر السابقة، فقد استعاد الجيش أراضي واسعة وبلدات كثيرة من أيدي الإرهابيين الذين بدؤوا يفرّون مع عائلاتهم إلى تركيا، وتراجعت معنوياتهم، وينتظرون الآن خسارات جديدة تتناول مدناً هامة.

وقد أصبح واضحاً للجميع أن المشروع الإرهابي في سورية قطع شوطاً كبيراً في طريق الانهيار، وقد أخذ ذلك ينعكس على المستوى السياسي داخلياً وإقليمياً ودولياً، والكثيرون يتوقعون حصول تغيّر في الموقف الأمريكي، وفي وضع آلية لتنفيذ الحل السياسي وقرارات مجلس الأمن الدولي، أثناء زيارة كيري إلى روسيا.

إلا أن المواقف التي يتخذها بعض أعضاء معارضة الرياض في مباحثات جنيف (3) توحي وكأنهم قادمون من المريخ، فهم ما يزالون يحورون ويدورون حول بعض النقاط التي سقطت بفعل تغير ميزان القوى لصالح سورية، ومنها ما يسمى (الهيئة الانتقالية) التي يطرحونها، بتفسير غريب لها، وهو تسلّم مفاتيح السلطة من يد الحكومة السورية ، وتناسوا أن من حق الشعب السوري وحده اختيار ممثليه لقيادة البلاد، لا الخائبين والمهزومين الذين لا يعرفون حتى خريطة سورية. ويحاولون كذلك التركيز على مسالة مقام رئاسة الجمهورية، بطريقة ليس لها علاقة بالقوانين أو بالمنطق، ولا بقرارات مجلس الأمن الدولي، بينما الهدف الحقيقي من وراء ذلك كله هو تأزيم الوضع أكثر فأكثر، وخلق مناخ ملائم لانسحابهم من المفاوضات، لأن من مصلحتهم الضيقة استمرار الحرب على سورية، أو إبقاؤها موضع استنزاف دموي طويل المدى، يعطّل حياتها الطبيعية ويبقيها تحت مظلّة العقوبات الاقتصادية، وهم يدركون أن استمرار الأزمة هو المبرر الوحيد لوجودهم السياسي، ولو كان ذلك على حساب دماء الشهداء وآلام الشعب والوطن. ولكن، في نهاية الأمر، سينتصر الحل السياسي العادل، المنسجم مع وحدة سورية واستقلالها الوطني، ومع المجتمع الديمقراطي التعدّدي العلماني الذي يسعى إليه أبناء سورية، مهما جابه من عقبات، ومهما كابر المكابرون.

العدد 1140 - 22/01/2025