أفران طرطوس بين معادلة الجودة.. ونقص الوزن!!
هي معادلة لا يمكن لأي كيميائي أن يوازن حدّيها، إذا عدنا إلى الوراء عدّة سنوات وتذكرنا كيف كنّا نقوم بموازنة طرفي المعادلات الكيميائية. ولكي لا يحتج علينا مدرّسو مادة الكيمياء سواء من يعطون الدروس الخصوصية في منازلهم بعيداً عن عين الرقيب أو من يدرّسونها في المدارس الرسمية سأدخل في صلب الموضوع في مقاربتي هذه لوضع الرغيف في محافظة طرطوس.
أُحدث فرع المخابز بطرطوس في عام 1985 ويشمل المخابز الخاصة والعامة والاحتياطية، ويبلغ عدد الأفران العامة ثمانية أفران موزعة في مركز المحافظة والمناطق التابعة لها. إنّ عدد خطوط الإنتاج يفوق حاجة المحافظة من الخبز إذ يبلغ عدد خطوط الإنتاج 19 خطاً والطاقة الإنتاجية لكل خط يومياً تبلغ 9 أطنان للخط الواحد، ونسبة تنفيذنا هي بحدود ثمانين في المئة0وبما أن الخبز مادة ليست قابلة للتخزين وتخضع لعدة عوامل منها نوعية الدقيق والخميرة وحتى الطقس وظروف نقله ووضع الخبز لدى المعتمد وكمية الخبز التي يقوم الفرن بإنتاجها كل يوم وعدم استقرار نوعية القمح ومصدره وبالتالي نوعية الطحين، كل هذا يساهم في تدنّي نوعية الرغيف قياساً بالأفران الخاصة التي تنتج يومياً بحدود 2- 3 أطنان في الوقت الذي يحصل المواطن على الخبز من الكوة مباشرة ويقوم بتهويتها في للأفران الخاصة، أما في الأفران العامة فهو بحاجة لأن يذهب إلى المعتمد للحصول على ربطة الخبز التي من الممكن أن تكون قد جهّزت منذ الليل ومضى على وجودها في كيس النايلون حوالي 12 ساعة.
في لقاء سابق مع مدير فرع المخابز كانت له عدّة ملاحظات على لجان ترخيص الأفران الخاصة التي يراها منافسة للأفران العامة وتزيد من الطين بلّة، أضف إلى ذلك فإن زيادة عدد خطوط الإنتاج مقارنة بمثيلاتها في المحافظات التي تماثل محافظة طرطوس من حيث عدد السكان لا مبرر له ولم يُعالج ذلك بالرغم من الكتب العديدة التي رفعت. وطالب مدير فرع المخابز بتخصيص الوجبة الغذائية لجميع العاملين وعدم الترخيص للمزيد من الأفران الخاصة، وإقرار التكلفة الفعلية للرغيف مع عدم زيادة سعر الربطة، وتشميل العاملين بالطبابة.
أمّا مدير تموين طرطوس حسين طيارة فقد تحدث عن تكلفة الرغيف الفعلية وعن مواصلة دوريات التموين في المحافظة القيام بجولاتها لقمع المخالفات، ونبّه إلى أن المواطن السلبي الذي يخجل من الدفاع عن حقه هو أحد أهم أسباب استمرار المخالفات التي تحصل. كما طالب بإنصاف المواطن بالحصول على الرغيف الجيد، وصاحب الفرن بإعطائه فرصة البيع بربح يحقق له الحياة الكريمة ويبعده عن عمليات البيع غير المشروعة للطحين أو حتى للمازوت.
رئيس دائرة المواد في مديرية التموين أكد أهمية تخفيض وزن الربطة من 1550 غرام إلى 1300 غرام التي يحصل عليها المواطن بشكل فعلي من الأفران، وأضاف بأنه واثق تماماً من أنه لا يوجد أي فرن خاص في المحافظة يقدم للمواطن ربطة الخبز ووزنها أكثر من 1000-1050غرام!!
العامل أمجد صالح أحد عمال الأفران الخاصة تحدث عن معاناته من حيث الراتب ( لا يتجاوز 15000 ليرة) وعن عدم تطبيق مرسوم السيد الرئيس القاضي بزيادة رواتب عمال القطاع الخاص، إضافة إلى عدم تسجيلهم في التأمينات وهذا ما يسبب قلقاً دائماً لدى العاملين في الأفران الخاصة.
بعد الجولة التي قمنا بها إلى عدد كبير من الأفران الخاصة وبعض الأفران الاحتياطية والحكومية في طرطوس وجدنا فرقاً كبيراً بين السعر الذي يجب أن تباع به ربطة الخبز والسعر الذي تباع به هذه الربطة في كوى ومنافذ جميع الأفران الخاصة.
وحسب وزارة التجارة والاقتصاد وزن ربطة الخبز 1300غ سعرها 50 ل.س من كوة بيع الفرن، ومن المعتمد 60 ل.س، أما الواقع العملي في الأفران الخاصة فحدّث ولا حرج من حيث المخالفة في الوزن فتباع ربطة الخبز وزن 840-1000غ بسعر 50 ل.س (7 أرغفة) وهي من المفروض أن تكون 1300 غ.
وبما أنه يجب ألا يقل عدد الأرغفة عن سبعة في الربطة الواحدة ولتجاوز هذه القضية عمد المنتجون إلى إنقاص قطر الرغيف فهو يتراوح بين 25-30 سم. وبالتالي التلاعب بالوزن أمر عادي ووضع الميزان أمام كوة البيع فقط من أجل دوريات حماية المستهلك، تلك الدوريات التي تعمل على مبدأ ( طعمي الجيبة بيخجل القلم) لا أكثر.
أما بالنسبة للأفران الاحتياطية فتباع ربطة الخبز بـ 50 ل.س بوزن يتراوح بين 1200-1300 غ وهي أفضل حالاً من الخاص ولكن أيضاً يوجد فارق في الوزن. والأفران الحكومية تقدم ربطة الخبز بوزن 1300غ وبسعر 50ل.س وذلك عند البيع للمعتمدين والمستهلكين من كوى ومنافذ البيع التابعة للشركة العامة للمخابز، وبـ60 ل.س للربطة الواحدة معبأ بكيس نايلون وذلك عند البيع للمستهلكين من الأكشاك أو من محلات المعتمدين كما ذكرنا. وهذه الأفران الحكومية هي الأفضل من ناحية التقيد بوزن الربطة والسعر، ولكن نوعية الخبز تكون أقل من سابقاتها في معظم افران المحافظة.
ما نأمله من المعنيين في محافظة طرطوس هو الإشراف الدائم والمراقبة المستمرة على الأفران وتكثيف دوريات التموين وجولات حماية المستهلك، والإقلال من تناول الشاي والقهوة في المكاتب بانتظار مواطن ما قد يتجرأ ويتقدّم بشكوى مع علمه المسبق بأنّ العقوبات التي يتعرض لها المخالفون لن تردع أصحاب الضمائر الميتة ما دام هناك من يقبل أن يطعم أولاده من المال الحرام.. وسامحونا!!