الأفران العامة بالمحافظة خاسرة باستثناء فرن صافيتا!
من خلال تتبعي كمراسل لجريدة (النور) بطرطوس لواقع الرغيف على مدى سنوات فقد حظيت صفحتي على مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من الرسائل التي تطالب جريدة (النور) من خلالي بزيارة عدد غير قليل من مكامن الخلل في المحافظة، وكان لنا الدور في كشف وتعرية العديد من هذه المفاصل ومعالجة بعضها. وأذكر أن أحد الأصدقاء أرسل رسالة يناشدني فيها زيارة فرن صافيتا للاطلاع على الواقع السيئ في الفرن، وبالفعل قمت بزيارته للمرة الأولى برفقة أحد أبناء صافيتا. وعندما دخلنا إلى صالة الفرن فوجئنا بالواقع ولكن لم يكن واقعاً سيئاً بل كان واقعاً رائعاً، فالخبز يكاد يضاهي الأفران الخاصة من حيث الجودة والنوعية. والشيء اللافت يومذاك قيام المدير (نصر الدين محسن) شخصياً بإجراء الصيانة لأحد الخطوط، فلم يكلمنا بل قال لنا حرفياً: قوموا بجولتكم واكتبوا مشاهداتكم بكل أخلاق ومهنية.
طبعاً عند عودتي كتبت على صفحتي ما شاهدته من جودة عالية للرغيف ووزن نظامي، فما كان من صديقي الأول إلا أن توسلني لزيارة الفرن ليلاً، إذ يجري التلاعب بالوزن وتكون النوعية سيئة. بالفعل قمت بزيارة الفرن ليلاً فوجدت أن واقع النهار من حيث النوعية والوزن لم يتغير. كررت زيارتي على مدى أسابيع عديدة دون أن الحظ أي تغيير على النوعية إلا باتجاه الأفضل خصوصاً عندما رفعت نسبة الاستخراج حيث وكانت هذه الحجة بمثابة الشماعة التي علّق عليها جميع مديري الأفران بالمحافظة السبب في تراجع نوعية الرغيف، مع الإشارة إلى أن الدقيق يأتي لجميع الأفران من المصدر نفسه وكذلك حال الخميرة.
التقرير التفتيشي الوارد من الجهاز المركزي للرقابة المالية فرع طرطوس برقم 53/ص/7 تاريخ 8/6/2015 إلى مدير فرع شركة المخابز الآلية بطرطوس، والذي حصلت على نسخة منه من فرع المخابز بطرطوس، يشير إلى جملة من المعطيات والأرقام والدلالات الهامة سنتطرق إلى قسم منها طمعاً في مكافأة من يعطي ومحاسبة من يتلكأ ويهمل:
الخطة الإنتاجية
بلغت الخطة الإنتاجية خلال العام 48600 طن بينما كان المنفذ الإجمال خلال العام 64653440 طن أي بنسبة تنفيذ مقدارها 132,7 % ومن خلال الجدول المرفق بالتقرير يتبين أن نسبة التنفيذ في فرن صافيتا بلغت أعلى نسبة، إذ وصلت إلى 180 % يليه فرن الشيخ بدر 139 % وفرن الدريكيش 135 % في حين كانت أدنى نسبة تنفيذ في فرن طرطوس، اذ بلغت 104% أما نسبة التالف فكانت في صافيتا 0,33 وفي الشيخ بدر 0,29 وفي الدريكيش 0,61 وكانت أكبر نسبة للخبز التالف في فرن الدريكيش ثم الجولان إذ بلغت 0,60!!
النفقات وأوامر الصرف
أُشيرَ إلى عدد من الممارسات الخاطئة وعمليات الغش والفساد الواضح وشراء مواد لا حاجة لها وعمليات صيانة وهمية وترحيل ونظافة مثيرة للشك، كما هو الحال في فرن الدريكيش أيام المدير السابق، إذ جاء في هذا المضمون وجود أمر الصرف رقم 160 تاريخ 15/2/2014 صرف ضمنه مبلغ 25000 أجور نقل وتحميل أوساخ من فرن الدريكيش وقد علق المفتشون على هذا بأن الملاحظ على هذه النفقة أن عدد النقلات المنفذة لا تتناسب مع الوقت المعطى لصاحب التركس، فكيف يتم تحميل 17 نقلة وترحيلها خارج المدينة بمدة 2 ساعة فقط أي بمعدل 7 دقيقة لكل نقلة تحميل وترحيل!!
محاسبة المواد
يلاحظ قيام عدد من الأفران بشراء مواد وقطع لا حاجة لها أبداً، كما حصل في فرن القدموس إذ جرى شراء مادة ريليه حرارية على الرغم من وجود رصيد مدور دون حركة، وصمامات عداد ماء كهربائي لم يُستهلك المدور منها أيضاً، وشراء مكبس هواء كبير على الرغم من وجود 6 مكابس مدوره وغيرها يلحظها التقرير. وفي فرن مشتى الحلو جرى شراء رولمانات على الرغم من وجود رصيد مدور دون حركة، وشراء ريليه ايضاً مع وجود مدوّر دون حركة، وشراء بطارية سائلة عدد 2 دون الحاجة إليها إذ يوجد مدور دون إخراج. وفي فرن صافيتا جرى إخراج مصفاة مازوت عدد 6 علماً أن المجموعة بحاجة إلى 2 فقط، فلماذا أبدلت هذه الكميات خلال الفترة القصيرة؟
محاسبة التكاليف
تمت المقارنة فيما يتعلق بالقطع التبديلية بين فرن الجولان وفرن صافيتا، فكانت في الجولان 4308888 ل س بينما في صافيتا 2023383 مع ملاحظة أن نسبة تنفيذ الجولان 104% وصافيتا 180 %!! أما الصرفيات في فرن الشيخ بدر فكانت 997680 ل س وفي فرن طرطوس وخلال النصف الأول تم صرف 3557186 ل س.
قائمة الدخل: نلاحظ الخسارة في كل فرن من أفران طرطوس، فقد وصلت الخسارة الصافية في فرن الجولان إلى 13416854 ل. س وفي فرن بانياس وصلت إلى 11031502 ل. س، وفي فرن طرطوس وصلت إلى 16875067 ل. س في حين بلغت الخسارة الصافية في فرن الشيخ بدر 4046981 ل. س وفي فرن الدريكيش 10714009 ل. س وفي القدموس بلغت 9843897 ل. س وفي فرن المشتى كانت الخسارة الصافية 5223618 ل.س
ووحده فرن صافيتا كان الرابح، إذ بلغ الربح الصافي فيه 9388890 ل. س أي ان جميع المخابز في طرطوس خاسرة باستثناء فرن صافيتا، ويعود ذلك إلى نسبة التنفيذ التي تصل إلى 180 %.
أخيراً
انطلاقاً من ضرورة محاسبة المقصرين ومكافأة المتميزين نتوجه بالشكر إلى العمال والفنيين والمدير في فرن صافيتا ونأمل من المعنيين مكافأتهم على ما بذلوه من جهود، حتى ولو كانت المكافأة على شكل ثناء يشعرهم بأن هناك من يتابعهم وأن ما بذلوه من جهد وعرق هو موضع تقدير من قبل الجهات العليا، على أمل ان يحذو حذوهم بقية الأفران في المحافظة، فهل سنرى مكافآت مادية أو معنوية قريباً لهؤلاء العمال والفنيين يا سيادة الوزير؟!. هذا ما نأمله ونتمناه لمن قدّم وأعطى.