كل هذا حدث في 2016

 يختم خريف الحرب موسمه السادس بقساوة أكثر رأفة ورحمة من صقيع حكومات الحرب المتتالية التي جعلت من يوميات السوريين ألواحاً جليدية وضعتها في متحف الحرب التي لم تخمد نيرانها  رغم كل الأرواح التي أطفأت نورها.

مرّ عام 2016 بأحداث كثيرة مؤلمة وصعبة جعلت المواطن يعيش في الحضيض وأدنى مستويات الحياة، فمن ويلات الحرب إلى التهجير القسري وهروب الشباب والأدمغة خارج البلد، إلى القرارات الحكومية المجحفة، إلى غياب مقومات الحياة الأساسية من كهرباء ووقود، أزمات حقيقية يعيشها المجتمع السوري نتيجة قرارات ووزارات لم تهتم لوضع أبسط الحلول أو حتى قبول مقترحات أصحاب الخبرات وغيرها ليكن فازداد الانعكاس سلبياً على حياة من بقوا ضمن الوطن.

الدولار وارتفاع السلع الغذائية لأرقام قياسية

حدث في 2016 ارتفاع غير مسبوق لسعر صرف الدولار بسبب تحكم تجار السوداء ببورصة الصرف اليومية، وسجل أعلى سعر له بتاريخ سورية فوصل إلى حدود 700 ليرة سورية، وارتفع معه كل شيء من سلع غذائية أساسية كالزيوت والسكر والسمون والمواد الناشفة كالحبوب و البقوليات وغيرها، ودفع المواطن ضريبة هذا الارتفاع الثمن وأصبح معيشته في مهب الريح، ومع نزول بسيط للدولار خلال الأيام الماضية لم تشهد السلع أبداً أي تغيير في أسعارها بل بقيت مرتفعة، ولجان التسعير على ذمتها تقول بأنها تتابع وتخالف من لم يلتزم بالتسعير.

الدواجن والمشتقات الحيوانية

شهد عام 2016 ارتفاعاً خيالياً لأسعار الفروج، فقد وصل سعر كيلو الغرام الواحد إلى حدود 1500 ليرة سورية خلال الصيف، وسجل انخفاضاً خفيفاً في شهر أيلول، ثم عاد مرة أخرى للارتفاع وهو يسجل اليوم سعر الكيلو 1200 ليرة سورية، ولم يكن الفروج وحده في خانة الارتفاع فقد سجل البيض رقماً ذهبياً، إذ وصل سعر الصحن اليوم إلى 1700 ليرة، وكذلك المشتقات الحيوانية الأخرى قد ارتفعت بفوارق كبيرة ويعود سبب ذلك لارتفاع سعر الأعلاف والمواد المصنعة والنقل وغيره وكله يعود لقرارات حكومية تعسفية وتحكم تجار، وقد ذكرنا ذلك في صحيفة (النور) بأعدادها الماضية.

المحروقات تخترق الأحمر وتتحدى

أصدرت الحكومة السابقة وهي بمرحلة تسيير الأعمال قرار الإعدام الأخير للمواطن السوري برفع سعر المحروقات بنسبة كبيرة جداً، وقد حول هذا القرار للبرلمان وتم رفضه ولكنه بقي سارياً حتى اليوم ولم يتخذ قرار بتغييره مع أن الحكومة كانت حكومة تسيير أعمال فالسؤال هنا لماذا لم يعالجه برلمان الشعب والحكومة الحالية؟ وهذا القرار أدى لارتفاعات كبيرة في الأسعار التي زادت هم المواطن وجعلت معيشته تحت الصفر بدرجات.

لا كهرباء ولا (نت)

مع اقتراب نهاية العام بدأت أزمة الكهرباء تفرض نفسها بقوة وأصبح التقنين شبح السوريين المخيف الذي جعل المدن والأحياء حالكة السواد، فقد وصل التقنين إلى 20 ساعة يومياً، والحكومة تبرر بنقص مادة الفيول وتخلف بوعدها تحسين الواقع الكهربائي وصار النت أيضاً في أسوأ حالاته فقد أصابته عدوى فيروسية خطيرة أدت لانقطاعه بشكل متكرر ويومي، ومازال الوضع مستمراً: لا كهرباء لا نت، فالمواطن تكفيه شمعة لتنير سواد أيامه.

صقيع والدفء هارب

لم تعد المدفأة تتصدر بيوت السوريين في الشتاء، فقد غادرت لغياب متطلباتها من الوقود والكهرباء والغاز الذي تفاقمت مشكلته مؤخراً بشكل مخيف، ووصل سعر الجرة الواحدة إلى 5000 ليرة سورية مع أن المؤسسة نفت ذلك وقالت بأن الغاز متوفر ولكن الواقع يقول عكس ذلك، وأصبحت سهرات كانون البيضاء سماً قاتلاً لحياة السوريين الذين لبسهم البؤس والخوف من القادم أكثر.

تغريبة الشباب والشوارع فارغة

لم يبق من الشباب ما يكفي لعملية البناء القادمة فأغلبهم ضبضب حقائبه وغادر الحدود بطرق مختلفة منها الشرعية وغير الشرعية، وقسم منهم التزم غرفة في البيت بات سجيناً فيها،  وصدر قرار أخر السنة كعيدية للميلاد والسنة الجديدة حاملاً معه خوفاً آخر وأكبر لتصبح شوارع المدن أشبه بهياكل الحضارات المهجورة.. عام مضى تاركاً أكبر مأساة إنسانية في وطن بات غربة لسكانه وشبابه… ويفتتح بعد أيام 2017 أوراقه ولانعرف ما إن كانت خيراً أم ستكون أكثر إجحافاً وتدميراً لما تبقى لدينا من معالم إنسانية.

العدد 1140 - 22/01/2025