السيد وزير التجارة الداخلية.. أين قراراتكم من هذا؟!
أعتقد أنه لا يخالفني أحد إن قلت بأن الأزمات هي منبع الفوضى والفساد، وأن العمل في ظروف الأزمة يحتاج إلى رجال أزمة بكل معنى الكلمة يصدرون القرارات ويسهرون على تطبيقها وفرض عقوبات رادعة وحاسمة وحازمة تقضي على كل من تسوّل له نفسه العبث بالبقية الباقية ممّا كنّا ننعم به.
والجميع يسمع بالقرارات التي تصدر من هذه الوزارة أو تلك، ولكن وكما تقول الأغنية (أسمع قراراتك أصدق.. أشوف تطبيقها أستغرب)! فالفوضى والفساد والخلل في أكثر من مفصل من مفاصل عمل حكومتنا العتيدة بات لا يحتمل، والمواطن يكاد لا يخرج من نفق وخوف وقلق إلاّ ويكون عليه الاستعداد لتلقي صفعة جديدة وقلق وخوف ونفق جديد؛ فمن الخلل في الجانب الصحي إلى الجانب الاقتصادي إلى الجانب الخدمي والمعيشي وليس انتهاء بالكهربائي والنفطي.
في هذه المقالة سأتحدّث عن معاناة المواطن في طرطوس من فوضى الأسعار وارتفاعها وعدم وجود أي ضابط أو رادع للمتلاعبين فيها والمواطن الطرطوسي حاله كباقي المواطنين في المحافظات يسعى بكل ما أوتي من صبر وعزيمة للوقوف على قدميه ولكن دون جدوى:
مطالب محقة
أعلم أننا في حالة حرب كما يعلم الجميع، ولكن وكما أنه من حق الدولة على المواطنين الدفاع عنها وعن حدودها فمن حق المواطن على الدولة تأمين مستلزمات العيش، إذ من غير المنطقي والمقبول أن تنحصر أحلام المواطنين بالحصول على أسطوانة غاز في وقت نسمع يومياً عن زيادة مخصصات المحافظة من عدد الأسطوانات وفتح نوافذ جديدة والتوزيع عبر الباعة الجوالين وزيادة دوريات التموين وحماية المستهلك لمراقبة التوزيع وتشكيل لجان تارة من الشعب الحزبية وتارة من البلديات وتارة من المجتمع المدني في تخبط واضح يدل على عجز المعنيين عن إيجاد حلول صحيحة وواضحة ما يثير العديد من القصص والأحاديث عن وجود أشخاص في مركز القرار المحلي لهم مصلحة في استمرار الأزمة:
السيد أبو ياسر عبّر عن انزعاجه من إذلال المواطن عند الحصول على أبسط حق من حقوقه كأسطوانة الغاز، وأضاف بأنه من غير المقبول أبداً الاستمرار بالتلاعب في أبسط مقومات الحياة وأن يكون المواطن كالكرة التي تتقاذفها الأقدام؟!. أين التموين وحماية المستهلك من كل ما يحدث؟!. أم أن هؤلاء لا تعنيهم الأزمة في شيء إذ يصل إليهم كل ما يحتاجونه بشكل أو بآخر؟!
وغير بعيد عن موضوع الغاز، هناك موضوع المازوت المخصص للتدفئة والتخبط في تسليم جهة معينة للإشراف على التوزيع، فمن لجان الشعب الحزبية التي أثبتت فشلها إلى البلديات والشرطة التي لم تكن بأفضل حال من سابقتها ليتم العودة إلى الشُعب الحزبية ثم العودة إلى البلديات كما حدث مؤخراً، إذ يجب على المواطن أن يحصل على ورقة موقعة ومختومة من عضو قيادة الشعبة ليقوم بعدها بالذهاب إلى محطة الوقود والعودة إلى منزله بعد أن يكون قد دفع حوالي ألف ليرة أجور سيارة:
السيدة مها ربة منزل قالت بأنه من المضحك أن تكون إجراءات الحصول على بيدون مازوت سعة 20 لتراً بهذا التعقيد، فهل من المقبول أن أدفع حوالي ألف ليرة أجور وسائط نقل للحصول على هذه الكمية الهزيلة؟!. من يسمع كلام وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك يقول بأن مشاكل البلد من ناحية ضبط الأسعار ووجود المادة سوف تُحل خلال أيام، ولكن ما بين الوعود والتطبيق بعد كالمسافة بين السماء والأرض.
بين الأفران الخاصة والعامة
تحدثنا كثيراً ومطولاً عن الفلتان الذي تعيشه الأفران الخاصة في محافظة طرطوس وتحدثنا مراراً وتكراراً عن عدم الالتزام بالبيع بالوزن والسعر المحدد من قبل وزارة التموين وهو 1300 غرام للربطة بسعر 50 ليرة سورية وخاطبنا الجهات المعنية بهذا أكثر من مرة سواء عبر جريدة (النور) أو من خلال التواصل مع مدير التموين وحماية المستهلك في طرطوس، ولكن بقيت متابعة عناصر التموين لهذه الأفران متابعة خجولة جداً، إذ يصعب على المواطن الحصول على ربطة خبز أكثر من 900 غرام وبسعر 50 ليرة، وقد يعمد معظم الأفران إلى وضع 14 رغيفاً في كيس نايلون واحد مقابل 100 ليرة ولكن عند وزن هذه الكمية لا تتجاوز 1200 غرام كما حدث معي شخصياً في مخبز النقيب، إذ حاول البائع الموجود في الفرن أن يقنعني بأنه يلتزم بالبيع وفق ما حددته الوزارة، فالعدد الموجود في الربطة هو 14 رغيفاً أي ربطتا خبز، وعند وزن هذه الأرغفة كانت 1210 غرام.
إن المراقب لعمل الأفران الخاصة يصاب بالقرف والاشمئزاز من الطريقة التي يتعامل فيها أصحاب معظم الأفران الخاصة مع المواطن فضلاً عن التفاوت في عدد ساعات العمل وساعة بدء إنتاج الخبز وانتهائه، وهنا يتساءل المواطن محمد عيسى عن السبب في عدم إلزام صاحب الفرن بوضع لائحة يحدد فيها ساعة بدء إنتاج الخبز وساعة الانتهاء قياساً بالكمية التي ينتجها والوزن النظامي للربطة والسعر الحقيقي لها؟!.
التلاعب في الأفران الخاصة هو احد أهم أسباب الازدحام على الأفران الحكومية وعدم التزام أصحاب هذه الأفران بإنتاج كامل مخصصاتهم هو ما يجعل أرتال المواطنين مثيرة للانتباه أمام معظم الأفران في المحافظة، فإلى متى يستمر التغاضي عن مخالفات الأفران الخاصة من قبل عناصر التموين يا ترى؟!. وغير بعيد عن غض النظر عن هؤلاء نجد التغاضي بشكل واضح ومثير عن أصحاب الأفران السياحية، فهل من المعقول أن يكون ثمن 14 رغيفاً سياحياً هو 350 ليرة في حين وزن الربطة لا تتجاوز الكيلو غرام الواحد؟!. أين أنتم يا عناصر التموين من كل هذا؟!. أين أنتم من محلات إنتاج الصمون والكعك وباقي المعجنات الأخرى؟!
طبعاً يطالب المسؤولون في مديرية التموين وحماية المستهلك أن يتعاون المواطن معهم لضبط الأسعار في الشارع وهذا ما يثير الضحك، إذ من غير المعقول أن يشتكي المواطن على بائع اللحمة إن حصل على اللحمة في ظل ارتفاع سعرها الجنوني، وعلى بائع الخضار والفواكه وعلى سائق السرفيس الذي لا يلتزم بوضع لائحة تعرفة وعلى سائق التكسي وعلى بائع الغاز ومحطة الوقود وصاحب محل الألبسة والأحذية وغيرها وغيرها، فهل يتحول المواطن إلى موظف عند وزارة التموين ياترى في حين ينشغل عناصر التموين في تأمين مصالحهم الخاصة بعيداً عن القيام بواجبهم كما ينبغي؟!
محلات البالة
نعلم أن محلات البالة سواء كانت بالة ألبسة او أحذية كانت وجهة المواطن الفقير ذي الدخل المحدود أو المهدود، وكان يجد فيها مكاناً مناسباً له ولأولاده، ولكن هذه المحلات دخلت في سباق حمّى الأسعار أيضاً وباتت تنافس محلات الألبسة الجديدة أو الأحذية الجديدة دون أي مراقبة من قبل أجهزة التموين وحماية المستهلك، فهل من المنطقي أن يكون ارتفاع الدولار هو الحجة التي يختبئ خلفها أصحاب محلات البالة؟ وهل من المعقول أن يصل ثمن جاكيت الجلد النسواني في هذه المحلات إلى 15 ألف ليرة سورية؟ وثمن الجزمة النسواني أيضاً حوالي 8000 ليرة سورية؟!. من يحدد لهؤلاء سعر المبيع؟!. لماذا لا يكون هناك مراقبة لهذه المحلات وللأسعار التي يحددها فقط مزاج صاحب المحل ودرجة أخلاقه؟!. لماذا يبقى المواطن عرضة للنهش من قبل هؤلاء التجار والسماسرة؟!
الأسعار التي يحددها صاحب محل البالة خيالية وقد استثمر جنون الأسعار في محلات الألبسة والأحذية الجديدة، فالمواطن الذي يعجز عن إمكانية شراء جاكيت ولادي من محل الجديد بـ20 الف ليرة سورية سيجد نفسه عندما يدفع 7000 ليرة ثمن الجاكيت نفسه من محل البالة قد وفّر حوالي 13 الف ليرة فهل من المعقول هذا؟!
أخيراً: أعتقد أننا لو استمررنا في سرد حالات الخلل في عمل عناصر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وأثر القرارات التي صدرت أخيراً عن السيد الوزير وخاصة تلك المتعلقة بعمال ومديري بعض الأفران الحكومية بطرطوس لكنا بحاجة إلى عشرات الصفحات، ولكن سنكتفي بهذا على أمل أن نشهد قرارات أخرى تعيد التوازن إلى السوق وتعيد حال الرغيف بطرطوس إلى ما كانت عليه قبل اتخاذ سيادة الوزير للعديد من قرارات النقل والإعفاء، فهل سنرى قريباً عودة عن تلك القرارات يا ترى أم أن حال جنون الأسعار والفوضى ستبقى هي السمة المميزة لهذه المرحلة ياترى؟!