الجيش السوري يضيّق الخناق على داعش والنصرة…والسوريون بانتظار حكومة تستجيب لمطالب الشعب

محادثات جنيف بانتظار التوافقات الدولية

 إذا كانوا معتدلين، فليبتعدوا عن داعش والنصرة.. إنه جوهر الموقف الروسي الذي لاقى تعنتاً أمريكياً، فجاء الإنذار الروسي، وبعده تكثيف الضغط العسكري الذي قام به جيشنا الوطني ، بمساعدة الأصدقاء الروس، على النصرة في ريف حلب والدواعش في أرياف الرقة، وعلى حلفائهم في ريف حماة وريف دمشق ودرعا، ثم تكثيف المساعدة الأمريكية والدولية لمحاصرة الإرهابيين في منبج قرب الحدود التركية.

بعض المحللين فسّر تكثيف الضربات الجوية الموجهة للإرهابيين بأنه فقدان الصبر الروسي على مماطلة الأمريكيين في الضغط على آل سعود وأردوغان و(معتدليهم)، والبعض الآخر دفعه تفاؤله إلى تفسير هذا التحرك بتراجع الأمريكيين عن وضع العراقيل أمام خطة روسيا بضرب الإرهاب كشرط ضروري لاستئناف العملية السلمية.. أما نحن فلا نثق بالنوايا الأمريكية، خاصة عندما تكافح الإرهاب بطريقة انتقائية تمهيداً لسيناريو ما (في نَفس يعقوب)، وترفض حتى اليوم إدراج (معتدليها) في قائمة الإرهاب رغم قذائفهم وصواريخهم التي تحصد يومياً عشرات الشهداء المدنيين في أحياء حلب، وتنسيقهم الدائم مع داعش والنصرة في عديد المناطق السورية.

محادثات جنيف مؤجلة مبدئياً، فلا يبدو أن ديمستورا وفريقه مقتنعون بجاهزية معارضة (الرياض) لجلسات أخرى في جنيف بعد انسحابهم منها، ويعمل ديمستورا اليوم على تشكيل وفد مختلط يضم إضافة إلى معارضة (الرياض) بعض معارضي (القاهرة وموسكو)، إلا أن المؤشرات حتى الآن ليست مشجعة، ولا تستجيب لمتطلبات الحوار السوري السوري، فمازال آل سعود ومعارضتهم يختزلون العملية السلمية بعقلية (قم لأجلس مكانك).

الهدنة مازالت (رسمياً) سارية المفعول رغم الخروقات، ولا نعتقد أن هدنة ما ستصمد إلا إذا اقترنت بمبادئ وشروط تمهد لإنهاء العمليات العسكرية، واللجوء إلى الحل السياسي، المرتكز إلى وحدة سورية وسيادتها، في مواجهة مخططات التقسيم، وهذا ما يصطدم بمخططات أمراء الحروب والمستفيدين من استمرارها، أينما كانوا .

المواطنون السوريون بعد انتخابهم أعضاء مجلس الشعب، وبعد اشتداد معاناتهم المعيشية بسبب ارتفع أسعار جميع السلع والخدمات، وغياب التدخل الحكومي الفاعل للتخفيف من تداعيات الحرب والحصار الاقتصادي وانعكاسهما المدمّر على الفئات الفقيرة والمتوسطة، ونموّ فئات طفيلية تنهب الاقتصاد الوطني وتصادر حق العيش الكريم للجماهير الشعبية، ينتظرون تشكيل الحكومة الجديدة بعد أن دخلت الحكومة الحالية مرحلة (تصريف الأعمال).

وإضافة إلى السمات السياسية الوطنية، وشمولها الأطياف المتعددة المكونة لمجتمعنا المقاوم للإرهاب، والساعي إلى إنهاء أزمته سلمياً، عبر حوار وطني سوري سوري، على قاعدة مكافحة الإرهاب، فإن مهمات اقتصادية واجتماعية تنتظر الحكومة العتيدة، بهدف إنقاذ الاقتصاد الوطني وتقوية صموده، والانتقال بعملية المصالحة الوطنية من حيّزها الضيق إلى الاستحقاق الوطني الأبرز، وإزالة جميع العقبات التي تعيق عودة الدولة إلى دورها في العملية الاقتصادية إنتاجاً وتسويقاً، والتوجه نحو إخضاع السوق لمتطلبات صمود شعبنا، لا الخضوع لقوانينه وآلياته.

لقد صبر شعبنا، وخاصة فئاته الفقيرة والمتوسطة، طويلاً، على ظروف الحرب، وآن للمواطن السوري أن يجد تجاوباً واهتماماً حكومياً لتلبية مستلزمات صموده ومقاومته. المواطنون السوريون يؤدّون ما يفرضه الوطن عليهم بصدق وأمانة وبطولة، ويأملون أن تستجيب الحكومة الجديدة لطموحاتهم السياسية والديمقراطية والاجتماعية، كي تبقى سورية كما كانت دائماً عصية على الاستباحة والركوع، والانتقال بها سلمياً إلى دولة علمانية ديمقراطية تقدمية.

العدد 1136 - 18/12/2024