كي لا ننسى..حكمت قطّان.. شهيد المقاومة ضد المحتل الإسرائيلي

في 19 أيلول، عام ،1983 وفي الصراع غير المتكافئ مع مرتزقة القوات الأمريكية في لبنان، استشهد الشيوعي السوري حكمت قطّان، طالب السنة الأخيرة في كلية الهندسة الكهربائية، الذي ذهب إلى لبنان لمساعدة المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية في صراعها مع العدو الإسرائيلي، تلبية لدعوة من الحزب الشيوعي السوري وُجّهت إلى أعضائه من أجل تأدية واجبهم الوطني في دعم الشعبين الفلسطيني واللبناني.

وهكذا انضم هذا المناضل الشيوعي الشاب إلى قافلة شهداء الحزب مدافعاً عن مُثُله العليا الوطنية والأممية، غير مبالٍ بالحياة من أجل تحقيق ما كان يحلم به طوال حياته القصيرة، ولكن الزاخرة بالعطاء والحب للشعب والتضحية من أجله.

في عام 1958 ولد في مدينة جرمانا الطفل حكمت، ومنذ نعومة أظفاره عاش مرحلة انتعاش الآمال القومية، وخيبات الأمل، والهزائم التي عاشتها حركة التحرر العربية. كان وهو طالب في المرحلة الثانوية، ثم فيما بعد أثناء دراسته في كلية الهندسة الكهربائية، يشعر بعمق بانكسار جيل كامل من الشباب الذي عاش هزيمة حزيران ومرارتها، كان الأمل يحدوه بأن الشعوب العربية لابد ستستعيد ثقتها بنفسها، ولابد أنها ستستطيع أن تتخلص من عقدة النقص التي تعانيها نتيجة الهزيمة المريرة.. كل ذلك دعاه وهو يافع للانتماء إلى صفوف الحزب الشيوعي السوري، ويصبح عضواً نشيطاً في منظمة جرمانا للحزب، ويتدرج في المسؤوليات ليصبح عضواً في اللجنة الفرعية في هذه المدينة، ومسؤولاً للعمل بين الشباب الديمقراطي. لقد بذل هذا الشاب المناضل كل ما يستطيع من جهد وقوة كي يعزز الأفكار التقدمية في أوساط جماهير مدينته الشابة، والوطنية، في أفئدتهم، ولقد حاز على احترام جمهور واسع من شبابها، لأنهم رأوا فيه مناضلاً متفانياً من أجل مستقبل أفضل للجيل الشاب.

وأخيراً عندما جاء امتحانه الأخير، لم يتوانَ، تلبيةً لنداء الحزب، هو والكثير من أصدقائه، في الالتحاق بالمقاومة في لبنان ضد التدخل الأمريكي هناك، وضد العدوان، ويستشهد تاركاً لرفاقه إرثاً نضالياً مليئاً بالوفاء والتضحية ونكران الذات.

في 29 تشرين الثاني عام 1984 أقيم للشهيد حكمت في جرمانا التي ولد فيها وترعرع، ودخل معترك الحياة الواسع، حفلٌ تأبينيّ اعترافاً من الجيل الشاب في منطقته بتضحيته الغالية من أجلهم، واعترافاً من المقاومة بجسامة هذه التضحية، وتتدفق الجموع إلى مكان الحفل، لتساهم في تخليد ذكرى هذا الشاب الذي ترك أثراً سيبقى يتذكره الكثيرون إلى أمد طويل.

وفي هذا الحفل المهيب، يتناوب على الكلمات عدد من الخطباء، من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ومن الشباب الديمقراطي، ومن الحزب الشيوعي السوري ممثلاً بعضو المكتب السياسي ظهير عبد الصمد.

لقد انضم حكمت قطان إلى القائمة الطويلة من شهداء الحزب الذين سقطوا في سبيل الوطن والشعب، وإن ذكراهم لن تُنسى.

العدد 1140 - 22/01/2025