لافروف: الاتفاقات مع كيري تضمن عزل داعش والنصرة…ريابكوف: لا هدنة مع الإرهابيين في سورية

 أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قناعته بأن الاتفاقات التي توصل إليها مؤخراً مع نظيره الأمريكي جون كيري، من شأنها أن تضمن تنصّل المعارضة السورية المعتدلة من داعش والنصرة.

وقال لافروف يوم الثلاثاء 26 تموز إثر لقاء جمعه مع كيري في فينتيان عاصمة لاوس، إنه في حال تطوير الاتفاقات التي تم التوصل إليها في أعقاب اللقاء مع وزير الخارجية الأمريكي في موسكو، في سياق المشاورات المرتقبة بين الخبراء الروس والأمريكيين، وفي حال تنفيذ هذه الاتفاقات فعلاً، فستضمن تلك الاتفاقات تنصل المعارضين المعتدلين من إرهابيي (داعش) و(جبهة النصرة). وأردف قائلا: (إننا بحثنا ما يجب علينا أن نقوم به لكي يبدأ تنفيذ هذه الاتفاقات في إطار عمليات القوات الجوية والفضائية الروسية وسلاح الجو الأمريكي والتحالف الدولي الذي يقوده).

وأوضح الوزير الروسي أن الاتفاقات مع واشنطن تتعلق بخطوات عملية يجب اتخاذها من أجل محاربة الإرهابيين في سورية بفعالية، وعدم السماح بوجود من يطلق عليهم (المعارضون المعتدلون) في الأراضي الخاضعة لسيطرة الإرهابيين. وتابع لافروف إن هؤلاء يريدون المشاركة في نظام الهدنة، ويسعون في الوقت نفسه للسماح لتنظيمي (داعش) و(النصرة) بالاستفادة من هذا النظام والحيلولة دون تكبّد التنظيمين أيّ خسائر.

وفي معرض تعليق لافروف على نتائج لقائه بكيري في لاوس، قال إن الجانب الأمريكي ما زال يؤكد لموسكو أنه قادر على الفصل بين المعارضة السورية المعتدلة والتنظيمات الإرهابية في سورية، على الرغم من فشل واشنطن في إحراز هذه المهمة منذ أشهر.

كما تناول لافروف في تصريحاته موضوع المفاوضات السورية في جنيف، مشدداً على ضرورة استئنافها في أقرب وقت. لكنه أكد أن مواقف الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن معارضة الرياض وإصرارها على طرح إنذارات في سياق الحوار، تعرقل استئناف المفاوضات. واستطرد قائلا: (تتخذ ما تسمى الهيئة العليا للمفاوضات حتى الآن موقفاً غير بناء، وهي لا تطرح أي اقتراحات، بل تقدم إنذارات لا يمكن أن تؤدي إلى شيء إيجابي، وتصرّ على رحيل الأسد، لنرى بعد ذلك ما نفعل مع العملية السياسية. إنه موقف لا يؤدي إلا إلى طريق مسدود).

وأعرب عن أمله في أن يتمكن ممثلو روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة خلال مشاوراتهم المرتقبة في جنيف من تنسيق مقاربة تجاه المفاوضات السورية، ليتم بعد ذلك تطبيقها على أساس القرار الدولي الخاص بالعملية السياسية في سورية، ومنع طرح أي شروط مسبقة وإنذارات في سياق الحوار. وأكد أن اللقاء الثلاثي في جنيف الذي سيعقد يوم الثلاثاء، سيكون مكرّساً لتسريع العملية من أجل الشروع في العمل على صياغة حزمة اتفاقات سياسية لتسوية الأزمة السورية.

وأعاد إلى الأذهان أن القرارات الدولية السابقة تطالب بعقد جولة جديدة للمفاوضات في أقرب وقت. واعتبر أن الجولة القادمة من عملية جنيف يمكن أن تصبح الجولة الأولى من المفاوضات الحقيقية، لأن الجولات السابقة لم تتضمن مفاوضات بكامل معنى هذه الكلمة. وذكر أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لم يتمكن حتى الآن من جمع كل الأطراف المعنية بتقرير مصير سورية وراء طاولة المفاوضات. وشدّد على ضرورة أن تجري المفاوضات الحقيقية على أساس المبادئ التي أقرّها مجلس الأمن الدولي.

كيري: سنعلن عن تفاصيل خطتنا الجديدة حول سورية في أوائل آب وقال كيري للصحفيين بعد اللقاء مع لافروف إنه يأمل في أن تتمكن واشنطن وموسكو من الإعلان في أوائل الشهر المقبل عن تفاصيل الخطة الأمريكية الجديدة للتنسيق العسكري مع روسيا بشأن سورية. وأشار الوزير إلى إحراز تقدم فيما يخص استكمال صياغة الخطة خلال الأيام القليلة الماضية.

من جهة أخرى، أعلن سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، الخميس 28 تموز، أنه لا يجوز أن تكون هناك مصالحة أو هدنة مع إرهابيين يقاتلون إلى جانب (داعش) و(جبهة النصرة) في سورية. وقال ريابكوف، في تصريحات صحفية، إن روسيا أكدت موقفها هذا مراراً للجانب الأمريكي، إلا أن الأخير لم يتخذ حتى الآن (إجراءات للفصل بين الإرهابيين وما يطلق عليه المعارضة المعتدلة التي تتعامل الولايات المتحدة معها بصورة نشطة دون أن تخفي ذلك).

وتابع قائلاً: (بالتالي، فثمة نوع من الخداع السياسي على أقل تقدير. وأن توقف العمليات دون أن توضح الولايات المتحدة من هم الذين تعتبرهم معارضة معتدلة ومن هم إرهابيون لا يعني سوى إتاحة فرصة للإرهابيين لإعادة تمركزهم واستجماع قواهم لشن هجمات جديدة، وهذا يعني في الواقع مواصلة حمام الدم الذي قد أدى إلى مأساة الشعب السوري).

وأشار الدبلوماسي إلى أن لدى موسكو رؤية أخرى مفادها أن (محاربة الإرهابيين في سورية يجب أن تتواصل حتى النصر). وأضاف أن روسيا تدعو إلى تعميق تعاونها مع الولايات المتحدة وغيرها من شركائها، كما أن روسيا تعمل مع الحكومة السورية، وهو الشرط الرئيس لضمان نجاح منشود في المفاوضات السياسية. كما دعا ريابكوف إلى العمل على قطع طرق إمداد الإرهابيين، مشيراً إلى أن حدود سورية الشمالية لا تزال غير محكمة ولا بد من إغلاقها.

وفي تعليقه على أنباء بأن الولايات المتحدة تصر على إعلان تهدئة مدتها سبعة أيام في سورية من أجل الفصل بين المعارضين المعتدلين والإرهابيين، قال ريابكوف إن ما سيفيد التسوية السياسية في سورية هو ليس تهدئة إضافية أحادية الجانب، إنما تعزيز نظام وقف الأعمال القتالية والتأثير الفعال من قبل واشنطن وغيرها من العواصم العربية، والسعودية وقطر وجميع المشاركين في التحالف الدولي، (على أولئك الذين لا يزالون غير مستعدين للمفاوضات، بما في ذلك المفاوضات المباشرة مع حكومة دمشق).

ولفت الدبلوماسي إلى ازدواجية معايير واشنطن في ما يخص الأزمات الإنسانية في سورية، قائلاً إن الولايات المتحدة لا ترى مشاكل إنسانية في مناطق يحاصرها الإرهابيون، أما المناطق التي تخوض فيها القوات الحكومية السورية عملياتها (فتتحول فوراً إلى مناطق منكوبة إنسانياً). وذكر ريابكوف أن موسكو تدعو واشنطن وشركاءها الآخرين إلى التركيز على حل مسائل عملية تتعلق بالتسوية في سورية، بدلاً من السعي لكسب نقاط سياسية.

وأعرب الدبلوماسي الروسي عن تمنّي موسكو أن لا يصبح الحوار العملي بينها وبين واشنطن، مجدداً، (موضع مضاربات سيئة النية وشائعات من كل نوع). ودعا الدبلوماسي زملاءه في واشنطن وعمان وجنيف ومدن أخرى تتم فيها مناقشة هذه الموضوعات، (إلى التركيز على حل عملي للمسائل، لا على محاولات لكسب هذه النقاط السياسية أو تلك، عن طريق تسريبات إعلامية).

 

العدد 1140 - 22/01/2025