جيشنا يتوعد بالرد على الانتهاكات التركية و مساعي التهدئة في حلب عرقلها إرهابيو أمريكا «المعتدلين»!

 لم تسفر مبادرة التهدئة السورية الروسية الأحادية الجانب في حلب عن أي تقدم باتجاه تجنيب المدينة مزيداً من التصعيد، فقد أعلن إرهابيو أمريكا (المعتدلين) منذ البداية رفضهم الهدنة الروسية السورية التي مُدّدت ثلاث مرات، بهدف السماح للمدنيين في حلب الشرقية وللمسلحين الراغبين في الخروج، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية إلى سكان هذه المنطقة التي تخضع لسيطرة هؤلاء الإرهابيين المتحالفين مع (النصرة).

لقد أقدم الإرهابيون على تفخيخ الطرقات، وتوجيه بنادق القنص نحو السكان المتجهين إلى المعابر الآمنة التي وفرها الجيش السوري، وراحوا بعد ذلك يمطرون مناطق حلب الأخرى بالقذائف والصواريخ.

وكانت المبادرة الروسية قد لاقت ترحيباً دولياً، خاصة بعد (هيجان) أمريكي أوربي إثر تقدم الجيش السوري في حلب، وسيطرته على مناطق استراتيجية مؤثرة، ففجأة ارتفع الحس الإنساني لدى داعمي الإرهابي، بعد حصار الجيش السوري للمناطق الشرقية من حلب، أما قبل ذلك وحين كانت صواريخ الإرهابيين وعبواتهم وهاوناتهم تقتل السكان الأبرياء، وتدمر المدارس والمباني والمشافي، فقد كان إحساسهم بمآسي سكان المدينة غائباً، وهذا ما يؤكد نوايا الأمريكيين الساعين إلى عدم فصل معتدليهم عن (النصرة)، بهدف استخدامها ورقة ضغط في أي تسوية سياسية، وقيادة الإرهابيين لمواجهة الجيش السوري في حال فشل هذه التسويات.. وهي خطة الأمريكيين التي سماها الوزير لافروف الخطة (ب)، لفرملة تقدم الجيش السوري في جميع مناطق التماس مع الإرهابيين، وتحويل (النصرة) إلى ندّ عسكري بعد تطويرها إلى ترسانة عسكرية مزودة بأسلحة حديثة بمساعدة آل سعود وتركيا.

إن فشل التهدئة الأخيرة في حلب لا يعني- حسب اعتقادنا- توقّف المساعي السلمية لتجنيب السكان الآمنين المزيد من المخاطر والمآسي، لكن يبقى نجاح هذه المساعي التي بدأتها بعض الشخصيات الوطنية ورجال الدين مرهوناً بخروج المسلحين والسماح للأهالي بالانتقال إلى مناطق أكثر أمناً في المدينة. في هذا الوقت صعّد الجيش التركي عدوانه على سورية، باستهدافه القرى الواقعة في شمال حلب، وإدخال المزيد من قواته إلى الأراضي السورية، بمؤازرة الطيران الذي أغار على هذه المنطقة، مما أدى إلى استشهاد 150 مدنياً في قرى حساجك والوردية وحسية وغول وسد الشهباء..

القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أدانت التصعيد التركي، وحمّلت تركيا مسؤولية التداعيات الخطرة التي قد تترتب على هذا التصعيد، وتوعدت بالتعامل مع أي خرق للأجواء السورية من قبل الطيران التركي وإسقاطه.

مؤشرات عدة تؤكد إصرار الجيش السوري على متابعة تقدمه في حلب، وبضمنها المنطقة الشرقية، وذلك بدعم مباشر من الطيران الروسي والسوري، وهذا ما يفسر زيادة الوجود الروسي في المياه (القريبة) وقرب وصول سفينتين استراتيجيتين إلى طرطوس..

الولايات المتحدة وحلفاؤها لم يقفوا متفرجين في الأيام القليلة الماضية، إذ شككوا منذ البداية بمبادرة التهدئة الروسية السورية، وهددوا بزيادة العقوبات على روسيا وسورية، وهم مازالوا يماطلون في اجتماعات الخبراء المختصين في جنيف لفصل المعارضين و(المعتدلين) عن (النصرة)، وهناك تأكيدات روسية بحصول بعض المنظمات الإرهابية الدائرة في فلك النصرة على صواريخ أمريكية حديثة مضادة للطيران، كما جرى الاتفاق بين الولايات المتحدة وآل سعود على فتح معابر آمنة لتهريب (الدواعش) من الموصل إلى الرقة والحسكة، بعد بدء عملية تحرير الموصل.

وتلوح في الأفق بوادر مخطط عدواني ترعاه أمريكا يجري بموجبه تكديس الإرهابيين المدحورين من الموصل، في محافظة الرقة السورية.. بهدف الحيلولة دون سقوطها بأيدي الجيش العربي السوري، وتذويب الدواعش في تنظيماتهم الإرهابية (المعتدلة) وإبقاء هذه المحافظة المحتلة الآن، مرتكزاً جغرافياً لاستمرار الوجود الأمريكي في تلك المنطقة والإبقاء على نفوذ داعش فيها، تمهيداً لاستعماله في معارك أمريكا القادمة.

شعبنا مازال متفائلاً رغم فشل المبادرة الأخيرة في حلب، فمبادرات أخرى كان نصيبها النجاح، إذ تنضم مناطق وبلدات إلى المصالحات الوطنية، وعاد أهالي قدسيا والهامة إلى بيوتهم، والجيش السوري مصمم على مواجهة الإرهاب ووراءه يقف شعبنا داعماً ومسانداً.

ومهما تعددت أساليب التضليل والوقاحة الإعلامية الغربية وتفننت في إخفاء الحقائق عن المجازر والأعمال الإرهابية التي قامت بها فصائل الإرهاب الدموي في حلب، فلن نتمكن من إخفاء مسؤوليتها عن الكوارث المنافية للإنسانية التي شهدها أهالي حلب ويدخل ضمن ذلك تدمير العديد من المشافي والمدارس ومصادر المياه والكهرباء وترويع السكان المدنيين وذبحهم والتمثيل بجثثهم، إن المسؤولية التاريخية عن هذه الأعمال الوحشية تتحملها هذه العصابات المجرمة، دون أن نغفل مسؤولية أمريكا وأوربا مسؤولية قانونية وسياسية وتاريخية مباشرة أو غير مباشرة.

العدد 1140 - 22/01/2025