الجيش في دير الزور: فك الحصار.. واستعادة المطار.. وبداية النهاية

إن تفسير ما حققته قواتنا المسلحة من إنجاز في دير الزور بأنه حدث داخلي، تفسير قاصر حسب اعتقادنا، ولا يرقى إلى المعاني الحقيقية لهذا الإنجاز العظيم.

فهو إضافة إلى تأثيره الميداني الداخلي ودوره الفعلي في الحسم النهائي لمجرى الصمود السوري في وجه الغزو الإرهابي، ودوره في إنهاء الحصار ومعاناة أهلنا في دير الزور،
الذين ذاقوا الأمرّين بسبب هذا الحصار، كان رسالة موجهة إلى جميع من تدخّل وشارك وساهم بالفعل أو القول في أشرس غزو تعرض له بلد وشعب في التاريخ:
سورية وشعبها ماضون لوضع نهاية وشيكة لهذا الغزو الإرهابي، من أجل لا سورية وحدها، بل لضمان استقرار العالم بأسره، ودفاعاً عن الإنسانية جمعاء.

إنها رسالة سورية بتوقيع شعبها الصامد، وجيشها الباسل، بأننا نرفض الإرهابيين والإرهاب على التراب السوري، وأننا غير معنيين بجميع السيناريوهات التي توضع في الخارج حول تقسيم بلادنا، وأن الشعب السوري الذي دفع الثمن الأغلى في مواجهته الإرهاب، لن يساوم على وحدة بلاده أرضاً وشعباً.

إن إنجاز جيشنا الوطني الباسل كان تجسيداً لما سارت عليه السياسة السورية منذ بداية مواجهتنا للإرهابيين، فالبندقية والنار لمن غزا أرضنا وارتكب المجازر بحق شعبنا من جهة، والتفاعل الإيجابي مع الجهود السلمية الدولية لحل الأزمة السورية من جهة ثانية، وهذا ما عزز مصداقية السلوك السوري، وساهم في تبدل مواقف العديد من الدول حول ما يجري في سورية.

وفي الوقت الذي تلاحق فيه قواتنا المسلحة الباسلة بقايا الإرهابيين على الأرض السورية، تستمر في جميع المناطق عمليات المصالحة الوطنية، وتتعزز التهدئة في مناطق (تخفيف التصعيد)، وتجري اللقاءات بين الدول الضامنة لتوسيع هذه المناطق، تمهيداً لاستبدال البندقية بالحوار.

تصريحات روسية وأممية دعت جميع المعارضين المسلحين إلى الانضمام للجهود الدولية لحل الأزمة السورية سلمياً، خاصة بعد الإنجازات الكبيرة التي حققها الجيش السوري في ملاحقة داعش والنصرة، كما دعت معارضي الخارج إلى الواقعية في سلوكهم السياسي، بعد التقدم الميداني للقوات المسلحة السورية على الأرض، والابتعاد عن الشروط المسبقة في أي جهد سلمي قادم.

الجهود السلمية الروسية، والأممية، تتجه إلى إضافة مناطق جديدة إلى مناطق (تخفيف التصعيد)، ويجري الحديث عن انضمام إدلب، وتل رفعت، دون توضيح في التفاصيل.

أستانا سيعقد بعد أيام، وأي جهد لإلقاء السلاح واللجوء إلى الحوار سيعزز حالة الهدوء والاستقرار، ويفتح الطريق أمام النهاية السلمية لأزمتنا.

المواطنون السوريون مفعمون بالأمل، فجيشهم الوطني يقترب من حسم المعركة مع الإرهابيين، وهذا مايفتح الآفاق أمام معركة أخرى، لكنها موقعة سلمية، موقعة بناء سورية من جديد، سورية الواحدة الموحدة، أرضاً وشعباً، المحققة لطموحات شعبها العظيم في مستقبل ديمقراطي.. علماني، يضم جميع السوريين.

أما أنتم يا أهلنا في عروس الفرات، الذين وقفتم وصمدتم في مواجهة أشرس إرهابيي التاريخ، وتحمّلتم أقسى ظروف الحصار، فلكم التحية.

العدد 1136 - 18/12/2024