تصريحات حكومية خلبية

كثرت تصريحات الوزراء والمسؤولين الحكوميين، على أعتاب حلول شهر رمضان الكريم، بأنهم سيولون اهتماماً متزايداً وحزماً  فيما يتعلق بلجم جشع محتكري قوت الشعب، وشريحة من التجار التي لا تهتم إلا بمصالحها الأنانية المغرضة، 

ضاربة عرض الحائط بمعاناة الجماهير الغفيرة من الشعب الكادح، وعوزها وآلامها، بيد أن هذه التصريحات والتأكيدات التي سمعها الشعب من خلال التلفزيون ووسائل الإعلام المختلفة لم تلق أي اهتمام منه، ولم يكن لها أي أصداء إيجابية، لأنه يعرف من تجابه السابقة أنها ليست أكثر من فقاعة صابون،لا تلبث أن تتلاشى،
ولكن لم يكن الشعب هو الوحيد الذي لم يعر أي شأن لهذه التصريحات، فهذه الشريحة أيضاً التي نهبت وتنهب الشعب لم تأخذ هذه التصريحات على محمل الجد،
واستمرت في نهبها مستغلة غياب الدولة وغياب المراقبة لتتحكم كما تريد بالأسعار، هذه الأسعار التي بلغت أرقاماً خيالية، لقد وصل سعر كيلو اللحمة على سبيل المثال إلى 7000 ليرة سورية،
أما الفواكه فلقد أصبحت حلماً بالنسبة للمواطنين ذوي الدخل الحدود، وبالرغم من تراجع أسعار بعض الخضار، بسبب حلول موسمها، إلا أنها لا تزال مرتفعة جداً بالنسبة لدخل المواطن،
لقد أصبح كلٌّ من المزارع والمستهلك ضحية لاستغلال هؤلاء الجشعين الذين لا ضابط لنهمهم.

إن إطلاق التصريحات، دون وضع آلية تنفيذ محدودة، ودون محاسبة، أدى إلى فقدان مصداقية الحكومات المتعاقبة على البلاد،
وخصوصاً أثناء الأزمة، فلم يعد الشعب يثق بجديتها، في الوقت الذي تقتضي فيه ضرورات المعركة الوطنية الكبيرة التي تخوضها سورية ضد قوى العدوان والإرهاب، التي تستهدف وحدة البلاد،
ونهجها الوطني المستقل، تقتضي أن تكون الحكومة على مستوى هذه المعركة،
أن تكون حكومة ميدانية، تهتم بأبسط مصالح الجماهير الشعبية التي لولاها، لما أمكن لسورية أن تصمد خلال سبع سنوات مريرة وقاسية جداً عليها.

إن الصدق مع الشعب والعلنية معه، واقتران التصريحات بالممارسات وبالتنفيذ،
وانتهاج سياسة اقتصادية اجتماعية تُشعر المواطن، بأنه محور اهتمام هذه السياسة،
وكذلك محاربة المداخيل الطفيلية، التي لا تأتي من خلال العمل الشريف
، والاعتماد على هذه الجماهير، إن ذلك هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يعيد المصداقية لهذه الحكومة وأية حكومة يمكن أن تأتي.

لقد آن الأوان منذ زمن طويل، كي تشعر الحكومة بمسؤولياتها الحقيقية تجاه الشعب،
وتدركها، وتتصرف على أساس ذلك، لأن هذه المسألة هي مسألة وطنية من الدرجة الأولى،
والانتصار الحقيقي للبلاد مرهون بتحقيق المصالح الحقيقية والجذرية لهذا الشعب.

العدد 1136 - 18/12/2024