الأمن والأمان ركيزة أساسية في حياة البلاد والعباد

إيمان أحمد ونوس:

شكّل توءَما الأمن والأمان، على مدى التاريخ، ركيزةً هامة وأساسية في حياة جميع البشر بما يشكلونه من مجتمعات ودول، وهما في الوقت ذاته عامل استقرار نفسيّ ماديّاً ومعنويّاً يُبدع من خلاله الفكر والمخيلة البشرية، كما تزدهر وتتقدم البلدان والمجتمعات الإنسانية، فتغتني الحياة بكل اتجاهاتها، وترتقي الحضارة بجميع علومها ومجالاتها.

وفقدان هذين العنصرين (الأمن والأمان) يؤدي إلى انتشار الخوف والقلق وعدم الثقة وغياب الاستقرار بين الناس، كما يؤدّي فقدانهما إلى تخلّف المجتمع بكل مكوناته وشرائحه، بسبب عرقلة مسيرة الحياة الشخصية والعامة عن أيّ فعل جادّ مُثمر وبنّاء، إضافة إلى إعاقة الفكر والتفكير بمستقبل واعد، بحكم حاضر غير آمن لا يفسح مجالاً للأمل.

ولا يخفى على أحد ما كان يتمتّع به المجتمع السوري من أمن وأمان، إلى حدّ مقبول، انعكس على حياة الناس استقراراً واضحاً في معظم مجالات حياتهم وأعمالهم وأنشطتهم، وعلى الدولة تقدّماً في بعض الميادين التي شكّلت السياحة مثلاً إحدى أهمّ ركائزها، بما هيّأه لها الأمن والأمان المطلوبين لهذا المجال عبر أنشطة متنوّعة درّت على الدولة والناس أرباحاً نشّطت الاقتصاد سواء على مستوى الفرد أو الدولة، رغم آفة الفساد التي كانت وما زالت تُعرقل وتُعيق التقدّم المنشود اقتصادياً واجتماعياً.

أما اليوم، بعد سنوات حرب التهمت مختلف مقوّمات الحياة الطبيعية من حياة السوريين عموماً، فقد صار توءما الأمن والأمان في خبر كان، وبات معظمنا في حالة دائمة من القلق والرعب والترقّب المشوب بالحذر في كل حركة أو خطوة يخطوها، أو كلمة يتفوّه بها بعفوية مطلقة أحياناً ربما تقوده إلى التهلكة أو الفقدان أو حتى الموت بلا أدنى محاسبة أو مسؤولية من أيّة جهة كانت رسمية أم غير رسمية.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعدّاه إلى مختلف نواحي الحياة اليومية للناس، وكثيرة هي القصص التي يتداولها الناس عن عمليات نصب وسرقة واحتيال وجدت في الوضع الراهن التربة الخصبة لها بلا أدنى ملاحقة قانونية تُذكر. فكم من حالات سطو مسلّح تعرّض لها مواطنون كُثُر على كوّات الصرافات الآلية في وضح النهار، وربما بالقرب من أقسام الشرطة أو مراكز ومؤسسات ودوائر رسمية مُحاطة بالحراسة الأمنية المُشدّدة!! وكم هي كثيرة عمليات النشل والسلب حتى صارت شبه عادية لم تعد تُخلّف الأثر السيّئ الذي كانت تُخلّفه سابقاً. ولا يفوتنا ذكر حالات الخطف بداعي الابتزاز والفدية التي باتت اليوم بملايين الليرات أو آلاف الدولارات والتي يأتي الإعلام على ذكر بعضها بين حينٍ وآخر تحت ضغط ما يجري تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تلك الحالات التي تتكرّر غالباً في مناطق يشوبها وضع أمني أو سياسي غير سويّ!، أو مناطق تشهد نزاعات محلية تقوم بها فصائل مُتناحرة من مخلّفات الحرب المذكورة.

لا شكّ أن فقدان الأمن والأمان بشكل عام، وانعدام الأمن الغذائي والصحي بشكل خاص يُشكّل أحد أهم الأسباب الكامنة خلف السلوكيات السلبية التي تُزعزع الأمن والأمان في المجتمع بشكل عام. فالجوع والوجع دافع أساسي عند البعض لامتهان السرقة والنصب والسطو، إضافة إلى غياب تفعيل القانون، لأن الجهات المعنية بالأمن لا تلتزم دوماً بتطبيق القوانين المطلوبة إلاّ بالحدود الدنيا، ما يدفع العديد من الضحايا إلى عدم اللجوء لتلك الجهات حتى في حالات الخطف التي تسود اليوم في العديد من المناطق السورية!

لعلّه من المؤسف أن يعيش السوريون اليوم فقدان الأمان والأمن اللذين اتصفت بهما سورية على المدى بين بلدان العالم أجمع، فكانا أحد أهم العوامل الدافعة للاستثمار والسياحة والعديد من الأنشطة الجاذبة للآخرين من بلدان عالمية مختلفة! فهل يعي المسؤولون عن حماية أمن وأمان العباد والبلاد أهمية أداء واجبهم الذي يتنكّرون له اليوم!؟

العدد 1120 - 21/8/2024