تحدٍّ يُهدّد مستقبل شبابنا أم فرصة لبناء مستقبل مشرق؟

د.عبادة دعدوش:

في ظلِّ التطور التكنولوجي المستمر والتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، تتصاعد التحديات التي يواجهها الشباب في سوق العمل. إذ يمثل هذا التقدم التكنولوجي تحولاً جذرياً يُهدّد الوظائف التقليدية مع تطور الروبوتات، الحواسيب الذكية، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي. هذه التكنولوجيا الحديثة قادرة على أداء مهام مُتعدّدة ومُعقّدة بكفاءة عالية، ممّا يضع ضغوطاً على سوق العمل ويُهدّد بتخفيض ملايين فرص العمل حول العالم.

مع بداية ظهور الذكاء الاصطناعي، تحوّلت الوظائف التقليدية تدريجياً إلى مهام يمكن أداؤها بكفاءة عالية من قبل الآلات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي. هذا التحوّل أدى إلى تنافس مُحتدم وفقدان لفرص العمل بالنسبة للكثيرين، الأمر الذي أُطلق عليه مصطلح (البطالة التكنولوجية).

ومع ذلك كله، يجب أن ننظر إلى هذا التحوّل الرقمي باعتباره فرصة للتطوير والابتكار، إضافة إلى تحدياته الإيجابية الأخرى. ولا شكّ أنه يمكننا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية بتعزيز العمليات وتحسين الكفاءة، بما يفتح الباب أمام إمكانية إنشاء وظائف جديدة وتحسين بيئة العمل ورفدها بمختلف احتياجاتها.

هناك بعض الأدوات التي يمكننا اللجوء إليها لتأمين مستقبل مهني مستقر وآمن في ظل هذا التحوّل، منها:

*تَعلّم مهارات جديدة: يجب على الأفراد، خاصة الشباب، الاستعداد التام والمستمر لتعلّم مهارات جديدة من أجل التنافس في سوق العمل الرقمي.

*الجودة العالية والتميّز والإبداع: صحيح أن رؤساء الشركات ورجال الأعمال والمهنيين قد بدؤوا بالفعل بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي بالاستعاضة عن الوظائف الروتينية بأدوات الذكاء الاصطناعي، ولكنهم لم يستطيعوا استبدال الأعمال ذات الجودة العالية والأعمال المتميّزة والإبداعية، وهنا تكمن الفرصة الحقيقية للبقاء في مناخ من المنافسة وتحقيق مستقبل مشرق وآمن، فالذكاء الاصطناعي مهما بلغ من قوة لن يتمكن من أن يبدع أكثر من قدرات إبداع الإنسان، ليكون حقيقة البقاء لأقوى والأجدر اليوم.

*ريادة الأعمال والابتكار: رغم كل سطوة أو حضور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي الحالي، يمكن لريادة الأعمال تحفيز الابتكار، إيجاد فرص عمل جديدة، وتشجيع صناعة مستدامة ومزدهرة للشباب.

عندما نتطلّع للمستقبل، يجب أن ننظر إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كأدوات تُعزّز الإبداع وتوفر فرصاً للنمو والتطوير، بدلاً من تحديد الوظائف. فعملية تحويل التحديّات إلى فرص هو مفتاح بناء مستقبل مزدهر للشباب والمجتمع بشكل عام، ولكنه في النفس الوقت تحدٍّ كبير جداً لمن لا يريد أن يواكب هذا التطور والبقاء في منطقة الراحة .

العدد 1104 - 24/4/2024