قصة يوم الأرض الخالد

مصطفى الهرش (حزب الشعب الفلسطيني):

يُحْيي الشعب الفلسطيني وأنصاره في كلّ عام، ذكرى يوم الأرض الخالد، هذا اليوم الذي انتفض فيه شعبنا في الثلاثين من آذار عام 1976 في وجه إرهاب الاحتلال وعنصريته، ليجسد مرحلة جديدة للنضال الفلسطيني.

كانت الشرارة التي قادتها الحركة الوطنية الفلسطينية في أراضي الـ48 وعلى رأسها الحزب الشيوعي وجبهته الظافرة – الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة – وقد كان لهما الدور المميز في تعزيز صلابة الموقف السياسي والكفاحي بمواجهة سياسات الاحتلال وغطرسته، وفي تنظيم الجماهير وقيادتها بانتفاضة يوم الأرض الخالد، ابتداء من الجليل والناصرة في الشمال إلى النقب في الجنوب.

وقد جرت إضرابات أيضاً في وقت واحد تقريباً في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى عمت كل أراضي فلسطين التاريخية. فكان يوم الأرض رداً جماهيرياً على استمرار سياسة إسرائيل العنصرية في تقويض الأرض الفلسطينية وطرد أهلها، وهو يومٌ أكد فيه الشعب الفلسطيني مجدّداً إمكاناته وقدراته وتصميمه على الدفاع عن الأرض والتمسك بها.

 

الخلفية

قبل قيام دولة إسرائيل كان عرب فلسطين شعباً مزارعاً إلى حد كبير، ذلك أن 75٪ منهم كانوا يحصلون على عيشهم من الأرض. بعد نزوح الفلسطينيين نتيجة نكبة عام 1948، بقيت الأرض تلعب دوراً هاماً في حياة 156،000 من العرب الفلسطينيين الذين بقوا في الداخل الفلسطيني الـ48، وبقيت الأرض مصدراً هاماً لانتماء الفلسطينيين العرب بها.

تبنت الحكومة الإسرائيلية في عام 1950 قانون العودة لتسهيل الهجرة اليهودية إلى إسرائيل واستيعاب اللاجئين اليهود. وفي المقابل سنت قانون أملاك الغائبين الإسرائيلي، الذي قونن على نحو فعال مصادرة الأراضي التابعة للاجئين الفلسطينيين الذين فروا أو طُردوا من المنطقة التي أصبحت إسرائيل في عام 1948.

كان يستخدم أيضاً لمصادرة أراضي المواطنين العرب في إسرائيل الموجودة داخل الدولة، بعد تصنيفها في القانون على أنها (أملاك غائبة)، وكان يبلغ عدد (الغائبين الحاضرين) أو الفلسطينيين المشردين داخليا نحو 20 ٪ من مجموع السكان العرب الفلسطينيين في إسرائيل. يقدر سلمان أبو ستة أنه بين عامي 1948 و 2003 أكثر من (1000 كيلومتر مربع) من الأراضي صودرت من المواطنين العرب في إسرائيل.

وفقاً لـ أورين يفتحئيل: (فإن الاحتجاج ضد سياسات وممارسات الدولة من بين العرب الفلسطينيين في إسرائيل كانت نادرة قبل منتصف سنة 1970، وذلك بسبب مجموعة من العوامل بما في ذلك الحكم العسكري على مناطقهم، والفقر، والعزلة، والتجزؤ، في حين كانت الحركة السياسية للأرض نشطة لحوالي عقد من الزمن، وقد اعتبرت أنها غير قانونية في عام 1964، وكان أكثر المناسبات البارزة المناهضة للحكومة هي احتجاجات عيد العمال سنوياً التي كان يُنظمها الحزب الشيوعي).

 

يوم الأرض.. 30 آذار

في مطلع عام 1975 بدأت هجمة جديدة على الأراضي العربية، عبر مخططات عنصرية كمشروع (تطوير الجليل)، الذي هدف إلى تحقيق سيطرة ديموغرافية يهودية في الجليل الذي كانت غالبية مواطنيه (70 بالمئة) من العرب، وقد حاولت السلطة مصادرة 20 ألف دونم منها أكثر من 6 آلاف دونم من الأراضي العربية، وأكثر من 8 آلاف دونم من (أرض الدولة) التي هي أصلاً منتزعة من الفلاحين العرب، بينما كان حصة الأراضي اليهودية نحو 4 آلاف دونم فقط في منطقة صفد، أي أن المصادرة استهدفت الأراضي العربية في الأساس.

ورداً على هذه الهجمة، بادر الشيوعيون والقوى والشخصيات الوطنية إلى اجتماعات تحضيرية لعقد (مؤتمر شعبي للدفاع عن الأراضي العربية)، وعقد المؤتمر في الناصرة يوم 18/10/1975، ورافقه زخم شعبي كبير في كل القرى والمدن العربية، وانبثقت عنه (اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي) التي كان هدفها التصدي لمخططات نهب الأرض العربية.

وفي 6/3/1976 عقدت اللجنة اجتماعاً موسعاً في الناصرة، ودعت اللجنة إلى الإضراب في الثلاثين من آذار، وتحويل هذا اليوم إلى يوم للأرض والمطالبة بوضع حد لسياسة المصادرة التي صارت تهدد وجود الجماهير العربية ومستقبلها في وطنها الذي لا وطن لها سواه.

رافق قرار الحكومة بمصادرة الأراضي إعلان حظر التجول على قرى سخنين، عرابة، دير حنا، طرعان، طمرة، وكابول، من الساعة 5 مساء يوم 29 آذار (مارس) 1976.

عقب ذلك دعا القادة العرب من الحزب الشيوعي الإسرائيلي، مثل توفيق زياد الذي شغل أيضاً منصب رئيس بلدية الناصرة ليوم من الإضرابات العامة والاحتجاجات ضد مصادرة الأراضي والتي ستنظم يوم 30 آذار (مارس).

 

توفيق زياد: (الشعب قرّر الإضراب)

وإثر الإعلان عن الإضراب شنت سلطة الاحتلال حملة تهديد وترهيب بهدف منع الإضراب، وفي اجتماع رؤساء السلطات المحلية في شفاعمرو يوم 25/3/1976 أصرّ الرؤساء الوطنيون، وعلى رأسهم القائد خالد الذكر توفيق زيّاد، على موقفهم، ويقول زيّاد:

وكان إضراب الثلاثين من آذار، يوم الأرض، حيث هبّ شعب بأسره في إضراب لم يسبق له مثيل شمل كل المدن والقرى العربية، فأنزل الاحتلال قواته المدججة بالدبابات والمصفَّحات من جيش وشرطة، واندلعت مواجهات وصدامات، سقط خلال مرحلتها الأولى ستة شهداء.

 

 

  • قيادة الحزب الشيوعي السوري الموحد تتوجه بالتحية للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في يوم الأرض، الذي يعبر عن التمسك بالأرض والحقوق ومواجهة الاحتلال الصهيوني.

عاش نضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة!

العدد 1105 - 01/5/2024