مكانة السوريون في اليوم العالمي للفقر

د. عبادة دعدوش:

هل نحن في منأى عمّا يُسمّى بالفقر؟!

هل وصلنا إلى ما بعد خط الفقر أم نعيش على فتات الأغنياء؟!

أين الثراء وأين ضمان العيش بحياة كريمة في ظلِّ واقع مُكلّلٍ بالمآسي والمعاناة؟!

نحن نعلم أنّ الفقر هو أكثر من مجرّد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، ذلك أن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية، إضافة إلى نقطة مهمة ألا وهي التمييز الاجتماعي وانتشار التفاوت الطبقي المرعب حتى انحسرت الطبقة المتوسطة وتُركت الساحة للطبقات الغنية والفقيرة

إضافة إلى انعدام فرص العمل والمشاركة كالحق في اتخاذ القرار.

واليوم في ظلِّ الحرب والقيود التي تعرّضت لها سورية، إضافة إلى الاضطرابات التي يعيشها الشعب السوري ما بين الغلاء الفاحش وقلّة فرص العمل، وتردي الوضع الصحي، تزداد حالات الفقر يوماً بعد يوم ويُحرم الكثير من الأطفال من الغذاء السليم، فتزداد حالات فقر الدم وسوء التغذية، ويُحرم الشباب من الاستمرار في تلقي التعليم لعدم وصولهم إلى الجامعات أو تركهم التعلم واللجوء إلى العمل لتأمين قوت عيش يومي.

تتعدّد الأسباب والنتيجة واحدة وهي العيش في قوقعة من القلق وسوء الحال والأمل المتقطّع في الحصول على حياة كريمة.

لم يكن للسوريين يوماً غاية كغاية العيش في سلام وأمان وتأمين مستلزمات الحياة بالمال الحلال كما يقولون بعيداً عن الأعمال المشبوهة. لأن القلوب الضعيفة لم تجد طريقاً كطريق التشرّد والانحراف نحو السرقة والقتل وغيرها في سبيل الحصول على المال.

فكلما ساء الوضع وأُغلقت الفرص ازدادت أعمال العنف وازداد الألم.

لذا لقد تم اعتماد يوم 17 تشرين الأول اليوم الدولي للقضاء على الفقر الذي يهدف إلى تعزيز التفاهم والحوار بين من يعيشون في فقر وبقية أطياف المجتمع. وفي سورية أرى أنّ هكذا يوم وُجد لتعود الألفة ويعود دعم طبقات المجتمع لبعضها إلى جانب اهتمام المؤسسات والحكومات المعنية، فلا بأس إن أنفق الغني لمساعدة عائلة فقيرة، ولا بأس بفقير جمع المال بعرق جبينه وسعى ليطور من نفسه ويتحدّى ظروفه.

ولكن،  حاذروا، فإن طال الفقر طال الندم وطال زمن القتل وزمن الحرب وزمن الأسى، وإن عمّ التعاون لمحاربته، ازدهرت وجوه الأطفال وضحكت سواعد الشباب وهدأت عيون الثكالى من الأرق والشقاء.

العدد 1105 - 01/5/2024