الحيطان دفاتر المجانين والعالم الافتراضي دفاتر الكذابين
السويداء- معين حمد العماطوري:
يبدو أن الأمثال الشعبية قد دخلت معترك الحياة المعيشية والاقتصادية وفق ما تجتاح البلاد من أزمة التصريحات الصادقة التي تشكل نسبتها صفر بالمئة، أمام معايير الوعود الكاذبة التي تجاوزت النسبة العظمى الحاملة لعوامل التخدير. فالمتتبع لأسواق السويداء يشعر التناقضات بين ما يستمع ويقرأ في صفحات المواقع التواصل الاجتماعي والواقع المعيش المتدهور اقتصادياً.
قيل في الأمثال: (حقاً اللي استحوا ماتوا)، ونسمع أو نقرأ يومياً تصريحات ومعلومات من أعضاء الحكومة المعنيين بتخفيض الأسعار دون تطبيق ذلك على أرض الواقع، وهي منشورة ضمن العالم الافتراضي، ولأننا نعيش في عالم الأمثال الشعبية، فقد قال الأذكياء سابقاً: (الحيطان دفاتر المجانين) واليوم نقول العالم الافتراضي وصفحات الفيسبوك هي دفاتر الكذابين من أصحاب الوعود والتصريحات الكاذبة.
فقد تناقلت بعض وسائل التواصل الاجتماعي أن هناك قراراً صدر عن الوزارة المعنية برفع أسعار بعض أنواع المحروقات، مفاده رفع سعر طن الفيول بمقدار 130.000 ل. س ليصبح سعر الطن 780.000 ل. س. بدلاً من 650.000 ل.س، وسعر لتر المازوت الصناعي 1750 ل. س، اعتباراً من بداية الأسبوع الحالي.
إذا كان هذا الكلام حقاً صحيحاً فإننا أمام كارثة حقيقية، وهو دليل على أن الوزارة التي تبث أبخرة تصريحاتها كعامل تخدير بالمجتمع، ظناً منها تمرير قراراتها المساندة للتجار على حساب الاستهلاك والمستهلكين.. وسيؤدي حتماً لرفع أسعار العديد من الصناعات التحويلية المستهلكة للمواطن وخاصة الغذائية منها، وهو مؤشر حقيقي على التناقض الواضح بين تصريحات بعض أعضاء الحكومة بخفض الأسعار وتحسين وضع المعيشي عبر صفحات أو جدران العالم الافتراضي، والواقع الفعلي في السوق المحلية، الحامل للرؤية أن الحكومة ليس لديها أي استراتيجية لتحديد السياسة السعرية والنقدية والمالية، ولا تملك القدرة على التحكم في أسعار السوق المحلية وموادها الاستهلاكية.. والدليل أننا قرأنا منذ أيام تحديد سعر الزيت من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بقيمة 7200 ل. س، ولكنها فعلياً في السوق المحلية وصلت إلى أكثر من 11 ألف ليرة سورية.. فماذا يعني ذلك يا سادة؟
الأمر الآخر أين أصوات النواب الساعين دوماً في المناسبات العامة والرسمية للجلوس في الصف الأول بوصفهم المدافعين عن حقوق الشعب تحت قبة البرلمان، ولا نسمع لهم صوتاً سوى في الولائم الاجتماعية والصور مع عامة الشعب الفقير الذي حلمه لقمة العيش الكريم، أمام الموائد الفارهة ومناسف الغوى والاستعراض الاجتماعي التي ظاهرها كرم وباطنها غسيل الأموال، والأخلاق والقيم.
ويبدو أن صياح الشعب في آذان حكومتنا لا يُسمع، لأن تصريحاتهم في جدران العالم الافتراضي شيء وواقعهم في مساندة التجار والسماسرة ونشر ثقافة الفساد شيء آخر.
ولكن إذا الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب، لأن الكلام ليس عيباً ولا محرماً في القوانين والأنظمة المرعية، وهو لا يزعج في الليل لأن القول المأثور: (الليل ستار العيوب)، وعلى أعضاء الحكومة ألا يأخذوا بكلام عامة الناس لأن تصريحاتهم في العالم الافتراضي شيء وقرارتهم الفعلية الناشرة للفقر والجوع والتجويع وهجرة الشباب والعقول وثقافة الفساد والإفساد شيء آخر.
ولهذا شكراً لك يا حكومتنا الصابرة على كلامنا المستهلك، ونشجع تصريحاتك في العالم الافتراضي، أما واقعنا المرير فهو فداء لك.