الألم السوري

هناء علي يوسف:

عدنا، أيها السوري، بعد عشر سنوات من القهر والعذاب والموت، عدنا إلى موتٍ آخر وبطعم آخر، لنُهديك ونكرمك على صبرك وتفانيك وحبك لوطنك.

هكذا نستنبط مما تقوله حكومتنا اليوم، بل أكثر من ذلك، وكأنها تقول للمواطن أنتَ عبدٌ لدينا ونحن نأمرك وأنت تطيع فقط.

بات المواطن السوري اليوم يلهث ويركض ليحصل على لقمة العيش فقط، لا يبحث عن رفاهية ولا يبحث عن تطور في حياته، في ظل الأوضاع المأساوية التي تتزايد يوماً بعد يوم، والقرارات التعسفية وغير المدروسة والتي لا تمتّ للواقع ولا للمنطق بصلة، أصبحنا، بصفتنا مواطنين في سورية، المفترض أن لنا حقوقاً من البديهيات عندما نفتقدها سيعلو صوتنا ونقول إنها سُلبت منا. ولكن هنا السرقة بطرق مختلفة وتحت ذرائع وحجج وأوهام مختلفة، بدءاً من البطاقة الذكية التي أثبتت فشلها على كل الاصعدة، فالحق الطبيعي لأي مواطن أصبح معلّباً ومحجّماً، لماذا!؟ يسأل الناس ولكن دون إجابة.

مواقع التواصل تضجّ بالمناشدات من جميع الفئات.

منذ أيام ونحن نشهد استياءً عامّاً من الشارع السوري يحكي وجعه من انقطاع الكهرباء التي بات وصلها حلماً للناس وأمنية صعبة المنال، فهي لا تأتي إلا ساعة واحدة وتنقطع لساعات، ويتكرر قطعها حتى في هذه الساعة، فلا تنظيم ولا أوقات محددة للتقنين، أصبحت مصالح الناس وأرزاقهم مهدّدة: كل محلات الأطعمة مهددة بالإغلاق وكل من لديه مهنة صغيرة تحتاج إلى الكهرباء، فكيف يتدبرون أمورهم؟

جالت (النور) في شوارع حمص وأخذت بعض الآراء بالوضع الراهن، فمنهم من وصل إلى مرحلة اليأس، ومنهم من يقول كيف سنكمل هذه الحياة في ظل هذا الوضع في سورية؟

والبعض أغلق محلاته لأنه خسر كل شيء لا يستطيع أن يحصل على مولدات كبيرة ومازوت كما باقي المحلات والمولات الكبيرة، وأصبحت أسعار كل المواد مرتفعة بشكل غير مقبول.

دخل الناس في مرحلة اليأس، فالكل خائف من الشتاء القادم الذي سيكون أصعب من كل السنوات، بسبب قلة التدفئة وتخفيض كمية مخصصات التدفئة لكل عائلة، فهي لا تكفي لمدة يومين في شتاء بارد وطويل.

المطالبات كثرت بتحسين الأوضاع وتغييرها، واشتاق الناس لسورية ما قبل الأزمة.

إن كانت تحكي عن واقع الكهرباء أو الخبز الذي بدأ بالتنقيط وبشكل غير عادل لكل الأسر، ولا يكفي كل الأشخاص، من أي مبدأ وأي قانون هذا الذي يدفع المواطن، إذا لم تكفِه حصّته اليومية من الخبز، إلى أن يشتريه بمبلغ كبير جداً.

هل يعلم من وضعوا البطاقة الذكية أن هناك من يبيع الخبز بأضعاف قيمته؟

أما آن الوقت أن يرتاح هذا الشعب المتعب والذي خرج منهكاً من حربٍ شتّتته ومزقت كل أوصاله وأبعدت كل شيء يحبه ويشعره بأنه مواطن في سورية له حقوق يتمتع بها.

في كل البلدان يؤخذ الرأي العام بعين الاعتبار، إلا في سورية نسمع الآهات ونرى المعاناة ولكن من دون أي رد ومن دون أي اعتبار لرأي الناس أو للرأي العام.

فهل تريدون أن تسمعوا يا أصحاب المقام العالي؟!

وهل من تغيير أو قرارات جديدة تقلب كل الموازين وتنصف الشعب وتعيد له حقوقه وكرامته؟

إن كنتم تعلمون فهذه مصيبة، وإن كنتم لا تعلمون فالمصيبة أكبر.

 

العدد 1104 - 24/4/2024