يبدو أننا سوف نعود للكهوف!!

وعد حسون نصر:

يبدو أننا نعود للكهوف.. فهل من المعقول بعد أن وصلنا إلى القمر أن نعود من جديد إلى عصور ما قبل التاريخ، ويكون الكهف مسكننا من جديد، وخاصة بعد ما آل إليه الوضع من شحٍّ في موارد الطبيعة من نفط وما شابه وفقدان مقومات الطاقة تحت مسوّغات وحجج من فقدان الغاز والمازوت والبنزين ومادة الفيول وغيرها من مواد تُسهم بتطور الحياة والسير بعجلتها نحو التقدم الصناعي والعلمي والحضاري؟! فلماذا لا نلجأ في ظلّ التقدم العلمي إلى الطاقة المُتجدّدة (المستدامة) وخاصةً أننا نحظى بمناخ متنوع وطاقات بديلة وصديقة للبيئة، وهي مُتجدّدة بفعل عوامل الطبيعة، مثل (الرياح، الماء، حركة المد والجزر، والطاقة الشمسية)، ولذلك هي أقلُّ كلفة وأكثر منافسة وخاصةً في زماننا هذا لما لها من فوائد عديدة وواضحة. ففي ظلّ غياب الفهم للتكنولوجيات المتجددة الناشئة، إضافة إلى صعوبة الحصول على التمويل، وكذلك ارتفاع تكاليف الحفر لاستخراج الوقود وتحليلها وتحويلها من خام إلى مشتقات. يضاف إلى ذلك الأضرار على البيئة من المواد الكربونية وملوّثات الهواء، وكذلك تخبّط السياسات المتبعة، كل هذا لا بدّ أن يكون دافعاً للجوء إلى الطاقات المتجددة  والبديلة، لكي ننعش الصناعة ونواكب التقدم، وخاصةً في بلادنا ذات المناخ المتكامل، فالرياح على سبيل المثال واحدة من أكثر مصادر الكهرباء المتوافرة من الناحية التنافسية والتحسينات في مجال التكنولوجيا، وفي الوقت الذي نشهد زيادة تكاليف التركيب يجب أن نسعى لنصل إلى الأقل كلفة، ما يجعل الرياح الآن تدخل ضمن الحلول، بل بأقل كلفة من كلفة المحروقات، إذ نشهد أن مشاريع الرياح حول العالم باتت توفر الكهرباء، واستهلاك الوقود والتكاليف المادية، إضافة إلى أنها صديقة للبيئة ولا تسبب خطراً على تدهور الأرض. كذلك الشمس وهي نعمة وهبت لنا وأنارت سماءنا وعدّلت من طقسنا، فتُعد الطاقة الشمسية المركّزة على الرغم من أنها أكثر كُلفة اليوم بصورة ملحوظة من بين خيارات توليد الطاقة باستثناء المحروقات، من شأنها أن تلعب دوراً متزايداً في مجموعة الطاقة في المستقبل باعتبار أن تكاليفها ستواصل الانخفاض، ولا يمكن أن ننسى بحرنا بمدّه وجزره وحركة أمواجه ونحن نطل على بحر يتوسط العالم، إذ تُعتبر ظاهرة المدّ والجزر أو الطاقة القمرية نوعاً من طاقة الحركة التي تكون مخزّنة في التيارات الناتجة عن المدّ والجزر الناتجة بطبيعة الحال عن جاذبية القمر والشمس ودوران الأرض حول محورها، وعليه تُصنّف هذه الطاقة على أنها طاقة متجددة تحظى بتصنيف (صديق للبيئة) فهي لا تصدر أية غازات أو مخلفات سامة، كما أنها تأخذ بعين الاعتبار الثروة السمكية، فالكثير من الأبحاث حاولت التقليل من المخاطر التي قد يتعرّض لها السمك نتيجة مروره بالقرب من التوربين، وقد استطاع الفرنسيون بالفعل تخفيض نسبة الضرر على الأسماك المارة من 15 بالمئة إلى 5 بالمئة.

نخلص إلى القول إننا شعب وهبه الله نعمة هي طبيعة متعددة المناخ، فلماذا لا نسعى لاستخدام الطاقات البديلة لتوليد الكهرباء والوقود وغيرها، وإذا كنّا نستطيع أن نستخرج من روث الأبقار غازاً منزلياً وهذا ما حصل في أكثر من محافظة سورية، فلماذا لا نستخدم خبراتنا لنحوّل بلدنا لطاقة حيوية تعجّ بالصناعة والخيرات ومُنارة بالكهرباء من خلال ما منّت علينا الطبيعة به، وهنا نخفف من تدهور الأرض ونصغر من قدم البيئة الذي تخطى حجمه بسبب عبث الإنسان بموارد الطبيعة، فنحن ننحدر نحو الجوع والفقر والقحط، وحتى الثروة الحيوانية التي تسهم في غذائنا باتت مُهدّدة، وهذا طبعاً بسبب فقدان الطاقة الحيوية (الكهرباء) أو ما يسمّى عصب الصناعة. هنا يقع الأمر على عاتق الحكومة التي تدير الأزمات، فيها مؤشّر البوصلة الذي من خلاله نتوجه نحو الصواب لتقوم بدورها في اللجوء للطاقة المستدامة، تماشياً مع التطور الذي يشهده العالم، فسورية بلد فيها الكثير من الخبرات والخيرات وفيها الطبيعة المناسبة، فلماذا لا تكون جنتنا على الأرض، فمن بحرها نُنير سهلها، ومن سهلها ننثر ثمرها وخضارها لنقف بوجه زحف الجوع والقحط، ولتكون خيراتنا تلك العجلة التي تدور من بطن الأرض للمساء، فهي لا تبخل علينا بالمطر الذي تحمله الرياح، فلماذا لا نجعل من خبراتنا السورية طاقة تنبض بالحياة، لتعود لنا كهرباء ننير بها دروب أولادنا، فهم سفراؤنا نحو المستقبل حتى لا نعود إلى كهوف تعجّ بالظلام، فمن يملك نعمة الطبيعة يجب ألا يشيخ بظلام الجهل لقلّة المعرفة والخبرة وكثرة الفساد والسرقة!!

العدد 1102 - 03/4/2024