أين حرية الإعلام إذا كانت أقلامنا مبتورة؟

وعد حسون نصر:

من المعروف أن الإعلام يُفترَض أن يكون لسان حالنا، والناطق بهمومنا، لأنه بقعة الضوء في ظلام الفساد الدامس. لكن للأسف الإعلام بشكل عام في العالم أجمع وفي العالم العربي بشكل خاص يقبع تحت أجندات مرتبطة بشكل مباشر بميول صاحب الوسيلة الإعلامية، سواء كانت الوسيلة مقروءة أو مسموعة أو مرئية، ولا يختلف الأمر في إعلامنا المحلي السوري، ونقاط الخلل فيه والهفوات كثيرة، والبعد عن تقديم الرأي بشكل موضوعي، كما لا يغيب عنّا أن طريقة نقل الحدث وخاصةً مع تعدّد وسائل نقله بين مؤيد ومعارض تختلف باختلاف طبيعة الأسلوب في الطرح وعنصر التشويق لجذب المشاهد أو المتلقي أو القارئ. وهنا تلعب دورها ميولُ صاحب الوسيلة الناقلة للخبر، إضافة إلى الركاكة في إيصال الفكرة كثيراً ما تبدو واضحة، وهذا بالطبع عائد إلى قلّة الخبرة، لأن إعلامنا يعتمد في اختيار كوادره على الشكل والواسطة لا على المقدرة والخبرة والشهادة، لذلك تظهر الركاكة فصحافتنا مكبّلة بقيود ومعايير كثيرة، ومحظورات متعدّدة تبعاً لسياسة إداراتها. وبالرغم من كل المعايير التي تنادي بالتزام الدولة بحماية حرية الصحافة وحرية الرأي، ومازال الصحفي عندنا يعاني من القمع، وإذا اعتُقله لا يوجد من يحميه، وبالتالي إذا كان هناك بند مبني على حق أعضاء الأحزاب المعارضة للحكومة في التعبير عن آرائهم ونشرها في وسائل الإعلام التي تملكها، أين نحن من هذا البند كصحافة محلية؟ فمن المفروض على الحكومة أن تفسح المجال للأفراد بالحصول على المعلومات حتى لو كانت من الحكومة نفسها وخاصةً التي تخص الشأن العام، وأن تُسهّل نشرها وهذا مغيّب لدينا، وبضمن ذلك حرية السماح بإنشاء الإذاعات والمحطات التلفزيونية وإصدار الصحف، وكذلك الحريات العلمية والتعليمية والفنية والأدبية، ويسود بدلاً عنها صفحات الفضاء الأزرق، فتصبح متنفّساً للأصوات الحرّة والمعارضة والرافضة، خالية من مراقبة تقيّد الحريات.

ومع غياب حقوقنا كصحفيين في أن نتمتع بحقوق حرية الصحافة والصحافيين التي تعدُّ أساسيات، كأن نحترم حق الإنسان سواء كان صحفياً أو مواطناً عادياً أن يطّلع على المعلومات في جميع المجالات، والحصول على الأخبار من مصادرها ونشرها وتحليلها والتعليق عليها، ويفسح المجال أمام المواطنين والمجتمع المدني بحق الحصول على المعلومات والتعبير عن آرائهم وإنجازاتهم.

ونرى أن تقييد حرية الإعلام من قبل الحكومة، وفرض أسلوب وآلية عمل معيّنة، إضافة إلى عدم توفر روح المنافسة بين الوسائل الإعلامية جمعاء من صحف ومحطات ومجلات حتى إذاعة، يفقدها متعة المشاهدة والاهتمام للإعلام المرئي، وكذلك بالنسبة للإعلام المسموع، أيضاَ الاطلاع على الصحف وقراءتها، فالخبر أو الحدث وما شابه ينقَل بالأسلوب نفسه في كل الوسائل المحلية، ويكتب بالطريقة نفسها في الصحف والمجلات.

كما أن تحجيم الإعلامي وخاصة بالفكر، يجعله مقيّداً بطرح مواضيع على نطاق ضيّق بصورة عامة، تتجسّد بأسلوب بدائي في طرح المشكلة، السبب، الحل، أشبه بموضوع إنشاء يفقد متعة المتابعة للموضوع. فللأسف التسييس في إعلامنا جعله يفقد روح المغامرة وجمالية الطرح، وبات أشبه بعجوز يصارع حظه بزحمة عنفوان الشباب على صعيد القنوات والمحطات العربية والعالمية التي تحمل روح الفكرة ومتعة الأداء ودعابة الطرح بلغة سلسلة مطروقة لدى الجميع، ويصبح الموضوع وكأنه فكرة للنقاش بين الصغير والكبير. طبعاً روح المنافسة تجعل الإعلام يقوى ويقوى، وهو ما نفتقده لأننا نخشى كل جديد، فضلاً عن التقيّد بالقوانين الصارمة، وغياب مرونة النقد والرأي، وتغييب الفكرة الأساسية لأي عمل، ممّا جعل المتلقي سواء كان مشاهداً أم مستمعاً أم قارئاً يفقد ثقته بالإعلام المحلي، لذا وسط الهجمة الشرسة على الإعلام، ولرفع تقييد الدولة بقوانينها الصارمة على الإعلاميين والصحافيين، ولنعيد ثقة المشاهد والقارئ والمستمع بهذا الإعلام، علينا أن نجعله هو المحور لكل قضية تُطرح، فنسلط الضوء على قضايا المواطن وحقوقه، ونشعره بأهميتها بالنسبة للدولة، كذلك المصداقية بالطرح وخاصة في المواضيع المتعلّقة بأزمة البلد ومشاكل المواطن، أيضاً إطلاق الدولة حرية الإعلام ليحظى إعلامنا بمنافسة على الساحة العربية والعالمية ووسط حزمة القنوات والصحف والمجلات وشبكات العولمة.

العدد 1102 - 03/4/2024