دورة الاستلحاق.. أمل يورق
علا عبد الله:
شكر من القلب أحب أن أفتتح به هذا المقال الذي شاءت المصادفات أن يأتي بعد مقالي (معلم المستقبل) ليورق الأمل ويتجدد الإشراق.
شكر لمن أوقد في قلوب المتعطشين جذوة المحبة، فرغم الظروف القاهرة توقد وزارة التربية شمعة الأمل وهي عاقدة العزم على العمل في دورة مميزة تستكمل فيها ما بدأته منذ سنوات عبر دورات المناهج، فتنتقل من المنهج إلى المعلم ربان السفينة وقائد الأجيال إلى طريق الشمس.
شعرت بالفخر وأنا أجلس على مقاعد (دورة الاستلحاق) التي أقامتها وزارة التربية في مركز الشهيد باسل الأسد في حماة، منذ أيام بين زملاء من أكثر المدرسين كفاءة وجدارة، رأيت في عيونهم الحماس وقرأت في شبابهم لغة الفرح ولمست في تهافتهم على المعرفة وتعاونهم على العمل انتصاراً حقيقياً وعرفت لمَ لا ينهزم وطن تُقبِل فيه سيدة سورية لديها أحفاد على الدورات بعزم وإصرار ومحبة.
توجهت هذه الدورة إلى شخصية المعلم، فافتتحت بما يجب أن يعرفه معلم اليوم عن أهمية دوره ونبل مهنته، وعن كيفية صقل شخصيته ليكون معلما بأفعاله لا بأقواله، بحركاته وإيماءاته ولغة جسده وبقدراته العالية على التواصل اللغوي مع تلميذه ومع المجتمع. فكانت هذه الدورة هي الخطوة الأولى على طريق تحقيق الحلم بمعلم المستقبل.
ركزت دورة الاستلحاق على أساليب التعلم الفعال والنشط المعتمد على استراتيجيات مطورة تراعي اختلاف أنماط المتعلمين وتجعل المتعلم محورا للعملية التعليمية، تعمل على بناء شخصيته وتنمية التفكير العلمي والإبداعي لديه واكتشاف ذكاءاته وتطويرها.
وكان المحور الثالث وهو الأهم هو التوجه إلى تكثيف المحتوى التعليمي، والإشارة إلى مصطلح التعلم السريع الذي بات حاجة ملحة، والذي يتيح للطالب اللحاق برفاقه في أقصر وقت ممكن عبر استتفار قدراته وقدرات المعلم ليكون خطوة مهمة في الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية التي باتت ترهق كاهل الأبناء والآباء.
إن الجدير بالذكر الذي دفعني إلى خط هذا المقال هو جدية المدربين وعزمهم على تحفيز الكادر التعليمي على العمل، فقد انطلقوا من إدراكهم صعوبات الواقع وعدم إنكاره والتعالي عليه، ومن التأكيد أن هذه الصعوبات لا تواجَه بالاستسلام والتشاؤم، وإنما بالعزيمة والإصرار والخلق والإبداع والإرادة الحقيقية للبناء، كما لمسنا اهتماماً حقيقياً على مستوى مديرية تربية حماة ووزارة التربية عبر الجولات اليومية والمكثفة للاطمئنان على سير العمل وبث روح التفاؤل والعزيمة، ووصلنا إيمانهم بهذا الجيش الجبار من المعلمين الذين هجروا الراحة وهبّوا لتلبية النداء، استغنى القائمون على العمل في هذه الدورة من معلمين ومدربين وإداريين وغيرهم عن العطلة الانتصافية وانطلقوا يسابقون الزمن ويختصرون المسافات من أجل بناء الذات الواعية وتحصينها.
كل من حضر آمن بأن الخمول لا يصنع وطناً، وأن الكسل لا يبني إنساناً، وأن الحرب سجال بين العلم والجهل، فكانوا رديفاً لجيشهم بالعقيدة والإيمان والعمل لتحصين الوطن من الداخل بتحصين عقول أبنائه والرقي بعلمهم، إيماناً بدورهم وأهمية عملهم، وقد قوبل المعلمون بتقدير جهودهم وبتأمين كل مستلزمات العمل المادية في المركز، كما تلقوا كل الدعم المعنوي اللازم للانطلاق بمحبة وثبات.
غادرنا المركز والأمل يكبر بأن الوطن أكبر وأننا خلقنا لننتصر.. وأن الإبداع قرارنا.
كل الشكر للفريق التربوي الذي خطط وأشرف ونفذ.
كل الشكر لمديرية تربية حماة.
للمدربين الذين أشرقوا فرحاً وحباً.
وكل الشكر للمعلمين الذين لم تمنعهم الظروف القاسية من مواصلة العمل والذين لا يعرفون غير العلياء سكناً!