إزالة بعض المخالفات في السويداء.. هل بدأت الصحوة بعد التطنيش؟

السويداء_ معين حمد العماطوري:

لم يخفَ على أحد في السويداء كثرة المطالبات الشعبية والاجتماعية بأن تأخذ الجهات والمؤسسات الرسمية دورها وتطبّق ما أُنشئت لتنفيذه على صعد مختلفة: أمنية، اقتصادية، اجتماعية، أخلاقية ومسلكية، وقلّما كانت تلك المؤسسات تستجيب، فتراكمت الأخطاء والمخالفات حتى كاد المواطن يسلّم ويستسلم للفساد بأنماطه وأشكاله، وكذلك للمخالف تحت جناح القوة والتهديد الذي تميز به عدد غير قليل ممن حملوا سلاحاً بحجة الدفاع عن الأرض والعرض، فاستخدمه بعضهم للتشليح والتشبيح واستعراض العضلات.

وبات أهالي السويداء في قلق، فمن جهة يلاحظون أن مؤسسات الدولة تحكمها التعقيدات الإدارية والقرارات الارتجالية للسادة الوزراء، التي تضيّق الخناق على الحياة اليومية والمعيشية للمواطن بوعود كلامية لا تطبّق، وتغلّف بالشعارات الرنانة الموسومة بالمماطلة والتخدير، وتمريق الإجراءات التي من شأنها أن تجلب الموت البطيء للمواطن، بدلالة إصدار البطاقات (الذكية) للمواد الاستهلاكية الغذائية غير المتوفرة، ما أدى إلى خلق اختناقات لا مبرر لوجودها أصلاً، ويلاحظون من جهة ثانية تفاقم الفلتان في تطبيق القانون، واستخدام البلطجة للوصول إلى المراد دون الرجوع إلى القانون، وتطويع ما يلزم لتنفيذ ما لا يلزم وفق ما تراه فوهة البندقية وعصابات الخطف والقتل والسرقة! 

سنوات مضت والفئات المجتمعية والفعاليات من غرف التجارة والصناعة والبلدية والمرجعيات المتنوعة تطالب بإزالة المخالفات وقمعها بدءاً من المنطقة الصناعية التي شيدت المخالفات فيها بكولبات بيتونية، عدا البسطات والكولبات المخالفة في ساحة الرئيس بالسويداء، التي تنطوي على مشاكل لا يحمد عقباها، وكذلك ساحة تشرين وجوانب الطرقات من مدخل السويداء شمالاً وصولاً إلى القرى جنوباً وغرباً، ولم يستجب أحد لتلك الأصوات وارتفعت وتيرة المخالفات، وتولدت عقد إضافية كالمرورية للسيارات الصفراء العمومي والباصات، وعلى مرأى الجهات المعنية في ساحة المحافظة وتقاطع المحوري بجهاته الأربع وخلف مديرية التربية، وكأنهم يتقصدون إقامة المخالفات في الأماكن الضيقة (على عينك يا تاجر)، وحين يوقف أي عابر سبيل سيارته لدقائق معدودة ترى عناصر قوى الأمن الداخلي (شرطة المرور) يلصقون على سيارته مخالفة مرورية غيابية طبعاً، ويغضّون نظرهم عن تلك المخالفات، وحين تسأل عن تفاصيل السماح لهؤلاء بالوقوف المخالف تشم الرائحة النتنة للفساد ويطل الشيطان من مخبئه.

أن تأتي متأخراً…

قيل: رب ضارة نافعة، إذ بعد جائحة كورونا وتعطيل حركاتالنقل والانتقال تنفيذاً للإجراءات الاحترازية الوقائية، بدأت الصحوة من غفلة التطنيش لقمع مخالفات المنطقة الصناعية وجميع المخالفات، فإذا كان ذلك صحيحاً، فعلينا أن نقول: (أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي أبداً).

ووفقاً لتصريحات المحافظة وبناء على توجيهات قائد شرطة السويداء للوحدات الشرطية والأمنية، جرت، بحضور ممثلي مجلس مدينة السويداء، إزالة أكثر من ٧٠ مخالفة في المنطقة الصناعية في مدينة السويداء خلال ٣ ساعات، دون وقوع أية أضرار أو إصابات بالأرواح.

وأكد معاون قائد الشرطة أن الحملة مستمرة حتى إزالة كل المخالفات داخل مدينة السويداء حتى تعود كما كانت. وأضاف إنه جرى توجيه إنذارات للمخالفين وحُدّدت لهم مهلة لإزالة مخالفاتهم وإلا فإنها ستُزال بالقوة.

والجدير بالذكر أن العمل جاء وفقاً لقرار المكتب التنفيذي في محافظة السويداء بإزالة المحلات المخالفة التي بنيت مؤخراً في صناعية المدينة بمؤازرة قوى الأمن الداخلي. وكان البعض قد استغلوا إغلاق المنطقة الصناعية ضمن الإجراءات الاحترازية للتصدي لوباء كوفيد ١٩ فقاموا ببناء عشرات المحلات ضمن الوجائب والحدائق والفسح مخالفة للقانون والتنظيم.

أخيراً هي جرعة أمل ونور بدا في هذا الليل المدلهم، لخلق تفاؤل في تطبيق القانون وبسط هيبة الدولة وسيادة مؤسساتها الرسمية، فهي الضامنة للوطن والمواطن.

العدد 1104 - 24/4/2024