قوانـين وحقوق ودساتير.. ولـكن!

وعد حسون نصر:

مازلنا نقف على ناصية الحلم بحقوق وحياة كريمة رغم كل الاتفاقيات والقوانين التي تتحدّث عن الإنسان والإنسانية، إلاّ أنّنا مازلنا تحت رحمة من كتب هذه القوانين، ورغم الاعتراف بالكرامة المتأصّلة في جنس البشر، وبحقوقهم المتساوية الثابتة من الحرية، والعدل والسلام في العالم، لكن مازالت حقوق العالم العربي مسلوبة، وحريته مرهونة بإرادات متعددة وخاصةً حق العيش بسلام، فمازالت الحروب تُشعل ساحاتنا، ومازالت سماؤنا تمطر قذائف الموت، وأرضنا تُروى بدماء أطفالنا، ومدارسنا مراكز للإيواء، وبيوتنا تُنار بالشموع في زمن الحضارة والعولمة والتقدم. أحلامنا قُتِلت مع إنسانيتنا، ماتت طموحاتنا مع عجزنا المادي وتشتت أفكارنا، لم نأخذ من الحقوق إلاّ الهوية واسم وطن على أساسه بدأ العالم يحاربنا ويقتلنا، حرب تلو الأخرى، تشرّد وتهجير، أُسر فقدت كل شيء، وأمهات ثكالى، وزوجات مفجوعات، أطفال حُرموا من الطفولة والتعليم، قوانين لم يُطبّق منها إلاّ العقوبات علينا، كيف لك أيها العالم المُتحضّر أن تكتب الحقوق وتتغنى بها وتحرم أطفالنا أبسط حقوقهم، كحقّ العيش في كنف أسرة تحت سقف وطن آمن.

مازلنا نحن العرب وخاصةً السوريين حقل تجارب للكثير من دول الغرب، فلا أظنُّ بعد كل ما وقع علينا من ويلات تحت سقف هذا الوطن أن نحصل على حياة كريمة أوّلها الإنسانية، فأين الحرية التي تحدّثت عنها المادة الأولى في إعلان حقوق الإنسان: (يولد جميع الناس أحراراً ومتساوون في الكرامة والحقوق) ونحن لا نستطيع حتى البوح بما يؤلمنا فما بالك بحرية التعبير! وأين الحفاظ على سلامتنا الجسدية وعدم إخضاعنا نحن البشر للتعذيب في حين تعرّض العراقيون والسوريون والعرب بشكل عام للقتل والتعذيب والتنكيل والتشويه! هل طُبِّق بند عدم الاعتقال والنفي والتهجير ونحن في أصقاع العالم مُشرّدون لاجئون ومهجّرون؟

مواد وقوانين كثيرة صاغتها مفوّضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ولم ينَل منها العربي إلاّ الجنسية فقط، وعلى أساسها سلبه الغرب كل الامتيازات. حياتنا ضمن دساتير وأوراق وشريعة غاب، فلا قانون بالغابة لأن الحكم للأقوى وإن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب. هم سنّوا القانون لهم وتركوا لنا الغابة، وحتى بالغابة كانوا هم الذئاب ونحن النعاج! هذه هي حقوق العرب عامة، والسوريون خاصةً.

وعندنا في بلادنا، حتّى بحقّ الزواج تحكمنا الأعراف وتُكبّلنا التقاليد، فما بالكم بحقّ الحريّة وحقّ الجنسيّة وحقّ التنقّل وحقّ العمل، وعدم الاتجار بنا نحن بني البشر!

العدد 1102 - 03/4/2024