ورد أحمر.. و شوك أسود

حسن البني:
نحتفل في الثامن من آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي، وقد جرت العادة بإهداء وتبادل الورد الأحمر والأبيض بين المشاركين في الفعّاليات التي تُقام للدلالة على الاحترام العام والتقدير والحبّ للمرأة ولإنجازاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وقصة الورد، تعود لما حدث في مثل هذا اليوم عام 1908، عندما انطلقت إضرابات تُقدّر بالآلاف من عاملات النسيج في شوارع مدينة نيويورك يحملن قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورد في خطوة رمزية لها دلالتها، واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار (خبز وورد).
من هنا كانت شرارة اليوم الذي تحوّل إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن، والمعروف أن اتحاد النساء الديمقراطي العالمي الذي يتكوّن غالباً من منظمات رديفة للأحزاب الشيوعية، كان قد أقام أول احتفال عالمي بيوم المرأة، رغم ترجيح الباحثين قيامه على إثر تلك الإضرابات. والمرأة السورية ليست ببعيدة عن أحداث هذا اليوم، فما وصلت إليه من معاناة وتردٍّ في المعيشة وسوء المعاملة وألوان العنف والقهر والتمييز، جعل منها أيقونة أمام نساء العالم، لما تحملته ومازالت تتحمله حتى اليوم، وزادت آلامها ومآسيها في أتون الحرب الظالمة المفروضة عليها منذ أكثر من ثماني سنوات والتي لم تنتهِ آثارها حتى الآن، بل أصبحت عبئاً زائداً يؤثّر عليها في تأديتها الواجبات اليومية سواء في البيت أو الشارع أو العمل، فقطعة الخبز اليابس التي كانت شعاراً لنضالها في الأمس أصبحت اليوم بحاجة ماسة إلى كسرة منها لتسكت جوعها وجوع أطفالها، والصادم  والمؤلم أكثر، أن نشاهد بعض النساء وهنّ مُضطرات لجمع ما يُرمى أمام متاجر الخضار والمطاعم وأكل القديم والمتعفّن الذي يفضّل صاحب المتجر إتلافه كقمامة على تقديمه بلا مقابل أو بيعه بسعر رمزي لمن ليس بقدرتها الشراء بسبب الجوع والعوز الشديد لأبسط الخدمات، فهي من عِفّتها وكرامتها لا تطلب ولا تمدُّ يدها لأحد، ولكن الجوع كافر، فهي مضطرة لتأكل وتطعم أبناءها. والعجيب أن تأتي تصريحات بعض المسئولين في الحكومة الحالية بأن لا أحد جائع، وهو ذاته يجوع لأنه ليس لديه وقت ليأكل من كثرة مهامه؟!! ربما هو لا يُصدّق حتى يرى؟ فهذه المرأة هي أم وأخت ومربية فاضلة وعاملة، وتصريح ساخر كهذا يُعتبر جارحاً بحق صمود الشعب وخاصة المرأة التي بذلت أغلى ما عندها.
لربما أكون خرجت عن إطار المشاكل التي تعرضت لها المرأة، ولكن هذه واحدة من أهم وأبسط ما تواجهه المرأة السورية اليوم، فهي تكافح لتعيش حياة كريمة لها ولأبنائها وللرجل، ومع تعرضها لشتى أنواع العذاب على أرض الواقع لم يعد للورود ومطالب إنصاف المرأة ومساواتها بالرجل أيّ معنى، فالحكمة الوحيدة والممكن استنتاجها من هذا اليوم تتلخص في عدم تخلي النساء عن حقوقهن التي ضمنها الدستور، حتى لو استدعت التظاهر والاحتجاج للمطالبة بالحقوق المشروعة.

العدد 1105 - 01/5/2024