السرطان كما ينبغي لهُ أن يكون

غزل محمد عائشة:

لكلّ شيء معنىً خفيّ في هذا العالم، ولمرض السرطان معانٍ عديدة تحصره في حيّز المخاوف والتستّر عن ذكرِ مسمّاه، والتعوّذ من شرّه لشدة وقعه على جسد المرء ونفسيته.

إلاّ أنّ الطب يواكب عجلة التطور والنمو الإنساني، وحملات التوعية العالمية والمناداة بالفحص المبكر لدرء خطر سرطان الثدي تمثّل تقدماً رائعاً على مستوى الشفاء منه، فقد تبيّن أنها تصل إلى 98% حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية التي اتخذت من شهر تشرين الأول شهراً للتوعية بسرطان الثدي في كل أنحاء العالم.

وتُعتبر سورية من الدول التي ارتفع فيها مؤشّر الإصابة بسرطان الثدي خلال الأعوام الحالية والماضية. فإذا كان للعامل النفسي دور في ازدياد نسب الإصابة، فإن دائرة الحروب والنزاعات أحد الأسباب البعيدة أيضاً. وقد أثبتت العديد من الدراسات أهمية الراحة النفسية لعلاج الكثير من الأمراض، أو مدى تأثير الجانب النفسي على تدهور صحة الإنسان، فيكون لهذا العامل يد طالت خلايا المرض فعززت انتشاره، ومن هنا فإن الحرب تترك وصمات شديدة الأذى على النفس الإنسانية، وأمراضاً أعمق وأشدُّ فتكاً بالجسد أيضاً.

ووفقاً لتوصيات الأطباء ومنظمة الصحة العالمية فإن الفحص الدوري يجعل من الإصابة أقلُّ خطورةً عند الكشف عن المرض في مراحله الأولى.

أمّا حينما يصبح الفقر عائقاُ كبيراً أمام النساء، تجد أن سرطان الثدي قد أودى بحياة كثير منهن، نظراً لوقوع ثلثي الشعب تحت مستوى خط الفقر، إذ يُصبح ذاك الفحص من الكماليات المُستغنى عنها في سبيل سدّ احتياجات البقاء الأخرى.

ونظراً لعدم إمكانية حصر أسباب مرض السرطان، يبقى الكشف المبكّر عنه مُمثلّاً الحدّ الفاصل بين البقاء أو عدمه. غير أنه لا يمكن لأبناء البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط تحمّل أعباء التصوير الشعاعي والفحص السريري والعلاج الذي ينطوي على تكاليف باهظة، لذا يتعيّن على منظمة الصحة العالمية والمشافي الحكومية تعزيز بادرة الفحص الدوري لتصبح التكاليف مجانية كلياً، فضلاً عن أهمية الرعاية النفسية للمصابين عموماً، ولمرضى سرطان الثدي خصوصاً، لتشييد علاقة قوية ضدّ المرض وهزيمته، ويبقى ذلك هو العمل الأسمى على الإطلاق.

 

العدد 1105 - 01/5/2024