المسلسلات الرمضانية الأكثر جذباً لفئة الشباب

درجت هذا العام كما السنوات السابقة عادة متابعة المسلسلات الرمضانية، فباتت شركات الإنتاج لا تعرض مسلسلاتها إلا مجتمعة في هذا الشهر الكريم، وبات المشاهد يحتار كثيراً أي المسلسلات سيتابع، لأن عدد الأعمال الدرامية السورية وحدها تفوق عدد ساعات اليوم حتى دون احتساب فترة النوم هذا إذا تناسينا الأعمال الدرامية العربية كلياً.

وللشباب آراؤهم الخاصة حول المسلسلات التي عرضت وخاصة المسلسلات السورية التي تميّزت كالعادة رغم كل الظروف المحيطة، وقد التقينا مجموعة من الشابات والشبان محاولين استعراض آراء هذه الفئة  وسبب اختياراتها من المسلسلات الرمضانية، وهل تختلف آراؤها عن الفئات العمرية الأخرى، علماً أن المسلسلات غير موجهة على أساس عمري بل للمجتمع كله، لكن تأثّر الشباب وانجذابهم يتم على أساس عناصر متعددة كالإخراج أو طريقة التمثيل أو الفكرة أو الكتابة الدرامية والرتم السريع، ونوع الحكاية: هل هي تاريخية، أم توثيقية، أم أنها من الواقع المعيش الحالي، ففضّلت راما، وهي طالبة في السنة الثانية بكلية الهندسة المعمارية، متابعة (ياسمين عتيق) لأنه يحكي حوادث تاريخية حقيقية بخلاف معظم المسلسلات الشامية، وهي ترى أنه يمثل حقبة واقعية من التاريخ السوري مرت بعض أحداثه في المناهج المدرسية أو أحاديث الناس حين تحكي بعض التاريخ والتراث، كما أنها تابعت مسلسل (سكر وسط) الذي يعالج مشكلة ضخمة في المجتمع السوري، إذ يتحدث عن الاحتكار العقاري وما يحيط به من فساد وتلاعب. كما أنها تتابع على سبيل التسلية مسلسل (فتت لعبت) الذي تراه موجهاً للتسلية، ولكنه طرح في بعض مشاهده أيضاً مشكلة خجل الأسرة بالفرد المعوق، وهذه أمور اجتماعية تلامس الواقع. بينما هي لا تفضل متابعة مسلسل (الولادة من الخاصرة 3) لكثرة مشاهد العنف والدم فيه، والتي وصلنا إلى حالة إشباع منها على مدى سنتين من الأزمة والصور التي نقلها الإعلام.

وقد اختار كريم، طالب في السنة الرابعة بكلية الهندسة الطبية في جامعة دمشق، متابعة مسلسل (الولادة من الخاصرة 3)، وهو يعدّه الأفضل دون منازع، وخاصة شخصية أبو نبال التي يؤديها الممثل الرائع باسم ياخور بكل تقلباتها. وتابع أيضاً مسلسل (ياسمين عتيق) الذي يتحدث عن دمشق في زمن العثمانيين، وعن التآخي بين المسلمين والمسيحيين، ويراه مختلفاً لأنه أعطى المرأة (النجمة سلاف فواخرجي) دوراً كبيراً في التعليم والانفتاح، ولديها سلطة كافية للوقوف بوجه رجال الحارة. كما أنه تابع المسلسل المصري الكوميدي (العراف)، ويعدّه ناجحاً في إدخال الضحكة إلى قلوب المشاهدين.

 أما فادي، طالب ماجستير، فقد تابع الولادة من الخاصرة بعد أن شاهد الجزأين السابقين، لأنه وجد فيه ملامسة للواقع وانعكاساً له. وتابع  أيضاً مسلسل (سنعود بعد قليل) بناءً على نصيحة من الأصدقاء ولواقعية هذا العمل.أما بالنسبة للمسلسلات الشامية فهو يكره متابعتها ويقول: (أكره متابعة المسلسلات الشامية التي باتت مجرد نسخ عن بعضها في القصص والأحداث والأسلوب، وخاصة تلك التي تتعدد أجزاؤها مثل (زمن البرغوت 2) الذي تغير معظم ممثلي جزئه الأول، وبقيت الأدوار بممثلين جدد!).

أما ميرا وهي طالبة في الثانوية العامة، فقد فضّلت متابعة مسلسل (سنعود بعد قليل)، لأنه يحكي عن بعض ظروف النازحين السوريين في لبنان، ويطرح الإيجابيات والسلبيات حولهم، بينما لا ترى مسلسل (فتت لعبت) يستحق المشاهدة لأنه بلا قصة واضحة.

وفي الوقت نفسه  لا يحبذ بعض الشباب متابعة المسلسلات السورية بمجملها، مثل نور، وهو طالب في السنة الرابعة بكلية الهندسة الطبية في جامعة دمشق، لأنه يرى أن هذه الأعمال تعطي إيحاءات سلبية، فصحيح أنها تعرض الواقع، لكن ذلك يشكل حالة سلبية لدى المتلقي، فهي تعرض أسوأ ما في الواقع، وتمتلئ بالتراجيديا والمآسي بعيداً عن الجوانب الجميلة والإيجابية في الحياة.

يبدو واضحاً لنا إذاً تشابه بعض آراء الشباب في ظاهرة المسلسلات الرمضانية وفي هذه الأعمال، وتنوع واختلاف بعض الآراء الأخرى، رغم أن الاستبيان كان حول فئة عمرية محددة توقَّعنا أن يكون لها اهتمامات مشتركة، ونأمل من القائمين على الأعمال أن يخصصوا في السنوات القادمة أعمالاً أكثر وضوحاً واهتماماً بقضايا الشباب لتستقطبهم وتعالج مشكلاتهم، وبالعموم تبقى ظاهرة المسلسلات الرمضانية ظاهرة لا يمكن تجاوزها أو تجنب الحديث عنها، لأنها باتت جزءاً متأصلاً ننتظره كل عام وكأنها من طقوس هذا الشهر الكريم، فكل عام ووطننا بألف خير..

العدد 1104 - 24/4/2024