فلسفة التعامل مع الذات والحياة

تقول ساتير: كثير من الناس يتصرفون كما لو أنّ التشابه يؤدي إلى الحب، والاختلاف يؤدي إلى الصعوبات. وإذا حملنا هذه الفكرة فلن نشعر بالاكتمال وسيظل إحساسنا بالتمزق قائماً. فلنَلتَقِ على قاعدة التشابه أو التماثل، وَلنَنمُ وَلننضُج على قاعدة الاختلاف، بمعنى: علينا أن نجعل الاختلاف بيننا فرصة لنضجنا وقدرتنا على التعامل مع هذا الاختلاف: اختلاف الناس في بصماتهم وتشابههم في مكوناتهم الجسمية. فنحن مختلفون ومتشابهون. وذلك نتيجة للحرية وتقدير الذات والطموح لأكون أنا وليس أي شخص آخر. بهذا المبدأ فإن كل تعيس في الدنيا تعيس لأنه هو يختار ذلك، ولأنه يردد بأنه ليس هو بل الظروف.. أما السعيد فهو الحر الأبي المترفع عن الشكوى والتذمر والواثق من نفسه والمصادق لها والمحب لها. ففي كل العالم ليس هناك شخص مثلي، هناك أشخاص فيهم شيء مني، لكن ليس هناك أبداً مثلي، لذا فكل شيء يخرج مني فنسبه إلي، لذا فأنا اختاره، وأنا كل شيء عني:

 جسمي ويشمل كل مايفعله عقلي ويشمل أفكاري وابتكاراتي. عيناي ويشملان كل ماتريانه من صور. مشاعري، ومهما كانت من خوف أو غضب أو حزن أو فرح أو حماسة.

 فمي وكل مايخرج منه من كلمات. صوتي.. عالياً أو خافتاً..، وكل تصرفاتي سواء كانت تجاهي أو تجاه غيري..، أنا امتلك خيالاتي وأحلامي وأملي وخوفي، أنا أمتلك كل محاولاتي وفشلي ونجاحي، لأني حر أمتلك نفسي..، ولأني أمتلك نفسي فأنا أستطيع أن أتكيف وأنسجم مع نفسي، وبهذا أستطيع أن أحب نفسي وأن أصادق نفسي وكل أجزائي..، أنا أعلم أن هناك أجزاء مني تحيرني وأخرى لا أعرفها بعد، لكنني أعلم بما أني أحب نفسي وأنا صديق لها بأنني سوف أصل بانسجامية ولطف إلى حلول، مادمت إنساناً حراً ولست عبداً، وأنا أملك كل شيء عني جسدي، مشاعري، فمي، صوتي، كل ما عندي  وأنا أملك الأوهام لدي، أحلامي، آمالي، مخاوفي – وأنا أملك كل ما عندي من الانتصارات والنجاحات، وكل ما عندي من الإخفاقات والأخطاء. هكذا تتكلم الحياة فلنصغ إلى صوتها.. وهذه هي فلسفة التعامل مع الذات والحياة.

الاختصاصية النفسية

بثينة زينو

العدد 1105 - 01/5/2024