في الحب… وعيده

الحياة رحلة بحث عن الحب وفيه، أن نُحب ونُحَب كما نحن، أن نحيا مستمدين الأمل والقوة ومعنى الوجود من شركة الحب هذه..

الحب، يحيى العلاقات الإنسانية، ويعطي معنى لكل شيء، للعمل، للكتابة، لكل مجالات الإبداع في ميادين الحياة..

ومع ذلك من منّا لم يُخذَل على صعيد الحب ولو لموقف؟…

نحن في موسم عيد الحب، لماذا ابتكروه؟ سؤال مطروح، هل يقف السبب عند المردود التجاري للحدث؟ وعلى قولة (رزق الهبل على المجانين؟) أو هو عيد لتسويق الأوهام العاطفيّة ومتعة اللحظة؟ هل هناك محاولة للاستعاضة عن الفشل في إدراك الحب بتكريس يوم له ؟و كأن هذا اليوم يحاول أن يمسك بالحب أو يقبض عليه أو يثبته أو..يمتلكه… كي لا يفقده.. وكأن الوردة الحمراء تعويض عما لم تستطع العلاقة أن تملأه ؟ أو هل يأتي من المفهوم الفرويدي للحب، القائل إنّ الحب سببه رغبات واعتقادات، فالشخص (يرغب) في الحب و(يعتقد) أن ذاك الشخص الآخر سوف يشبع هذه الرغبات ! فيمسي الشريك مجرد (شيء ما) لإشباع (الرغبة) أو الرغبات؟؟؟ أما بات هذا الأقرب إلى المفهوم العام إلا ما قلَّ وندر ممن يبحثون عن تحقيق ملء إنسانيتهم.

في الديانات السماوية يتلازم حب الناس وحب الله، ففي المسيحية كانت الوصية الأولى: (تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك هذه هي الوصية الأولى والعظمى. والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك، بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء).

وفي القرآن الكريم: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم). وتقول رابعة العدوية عاشقة الله:

راحتي يا إخوتي في خلوتي

وحبيبي دائماً في حضرتي

لم أجد لي عن هواه عوضاً

 وهواه في البرايا محنتي

حيثما كنت أشاهد حسناً

 فهو محرابي، إليه قبلتي

إن أمت وجداً وما ثم رضا

واعنائي في الورى! واشقوتي

و على الصعيد الإنساني، تقول أحلام مستغانمي: (يوم كان العشّاق يموتون عشقًا، ما كان للحبّ من عيد).

 الكل يبحث عن حب يركن له القلب، والنفس، حب يجد معه الإنسان نفسه، وهذا الحب يولد من العطاء، ليس هو حالة .. إنّه مسيرة، ليس هو نشوة العواطف في اللحظة، هو تجاوز النشوة إلى من يعطيها، إلى الآخر، الحب يستمر بتبني الآخر والغفران والتجاوز، يستمر برؤية كل ما في الآخر من جمال، يستمر بقرارٍ واعٍ بالاستمرار، نبحث عن الحب لأننا نبحث عن الوجود، وبقدر ما نتجاوز أنانيتنا أي بقدر ما نحب نحصل على وجودنا الحقيقي… فأهلاً بيوم للحب، إن كان عبر مسيرة حقيقية فيها يُعاش الحب كل يوم!

العدد 1105 - 01/5/2024