يوغا الضحك (2).. السعادة حين تكون علاجاً وعدوى

بدأ الدكتور كاتاريا بتطبيق فكرته هذه من خلال مجموعة صغيرة تتكون من خمسة أفراد، تجمعوا في الساعة السابعة من صباح يوم 13 آذار 1995 في حديقة عامة في الحي الذي يقيم فيه في مومباي، الهند، وهناك أطلق أول نادٍ للضحك. ضحك هؤلاء الأعضاء المؤسسون الخمسة معاً في الحديقة، وانتقلت عدوى الضحك هذه من المجموعة الصغيرة إلى المارة لتنمو في غضون بضعة أيام هذه المجموعة إلى أكثر من 50 مشاركاً.

في اجتماعات هذه المجموعة الأولية، عملوا على الوقوف ضمن دائرة يتوسطها شخص واحد، يقوم برواية قصة أو نكتة مضحكة. تمتع جميع من حضر هذه الجلسة بوقتهم وشعروا بشعور جيد لبقية يومهم، لكن مع اتساع هذا النادي واجهت أعضاءه مشكلة كانت ستؤدي إلى فشله، وهي أن بعض الأشخاص تحسسوا من بعض النكات التي كانت تلقى وأُخذت بشكل شخصي، مما جعل الدكتور (كاتاريا) يبدأ في البحث عن طريقة أفضل لتطبيق هذا الأمر، وأخيراً اهتدى إلى حقيقة علمية تفيد بأن جسم الإنسان لا يستطيع التفريق ما بين التظاهر بالضحك والضحك الحقيقي، ففي الحالتين النتيجة التي يتلقاها الجسم واحدة. هذه الحقيقة العلمية دفعته لأن يطلب من أعضاء المجموعة أن يتظاهروا بالضحك لمدة دقيقة واحدة. وأمام شكوك وعدم اقتناع بعض منهم قاموا بتطبيق هذا الأمر، وكانت النتائج مذهلة، فسرعان ما تحول التظاهر بالضحك إلى ضحك حقيقي، وقد سرى هذا الأمر بشكل معدٍ على الجميع مما جعل المجموعة تضحك بشكل لم يسبق له مثيل، واستمروا بالضحك لمدة عشر دقائق، ومن هنا كانت ولادة يوغا الضحك.

وقد طور الدكتور كاتاريا طرقاً أخرى لتحفيز الضحك، وذلك من خلال أداء مجموعة من تمارين الضحك بما في ذلك القيام بوضع المزيد من التقنيات لتحفيز هذا الأمر داخل المجموعة. وقد سافر إلى أجزاء مختلفة من العالم من أجل تشجيع الناس على فتح نوادٍ ليوغا الضحك.

هذا النوع من اليوغا تساعد صاحبها على تحسين صحته الجسدية، إضافة إلى صحته النفسية، فسوف يلحظ متلقي هذا النوع من اليوغا، تغير نظرته إلى الحياة نحو التفاؤل أكثر وطريقة تعامله مع الأمور والمواقف الصعبة التي يواجهها في الحياة، وحتى في طريقة تعاطيه مع الأشخاص المحيطين به. حين يبدأ الشخص يومه بالضحك فإن طاقة إيجابية تلازمه طوال اليوم.

يوغا الضحك والسرطان

حين يصاب شخص ما بمرض السرطان فإن التوتر والخوف الشديدين يلازمانه طوال فترة مرضه، إضافة إلى اضطرابه العاطفي وشعوره بالاكتئاب، نظراً لأن السرطان من الأمراض القاتلة، لكن المفاجأة تكمن في قدرة يوغا الضحك على مساعدة المريض على الشفاء، وذلك من خلال التغيرات الفسيولوجية والبيوكيميائية الحقيقية التي تحصل داخل جسم المريض، مما يجعلها صاحبة تأثير عميق على عملية منع تطور المرض. هذه المشاعر التي يشعر بها مريض السرطان تمنعه من الضحك والشعور بالفرح، لكن ممارسته ليوغا الضحك تساعده على الوصول لممارسة الضحك نشاطاً يومياً بغض النظر عن المزاج السيئ الذي يلازمه. وكما أشرنا سابقًا فقد أثبت الدكتور (أوتو فاربورغ) علاقة نقص الأكسجين في الجسم بمرض الإنسان، يقول: (نحن نمرض بسبب نقص الأكسجين في خلايا الجسم). ويرُجع ذلك إلى العادات السيئة في التنفس الناجمة عن التوتر والتفكير السلبي، فهما يجعلان عملية التنفس صعبة وضحلة مما يؤدي إلى عدم انتظام الأنفاس.

تستخدم (يوغا الضحك) مزيجاً من تمارين الضحك واليوغا في التنفس، وذلك بغية تمرين الحجاب الحاجز وعضلات البطن على التنفس بعمق. الأمر الذي يساهم في زيادة إمدادات صافي الأوكسجين لخلايا الجسم، هذا الأمر يمكن أن يلعب دوراً مهماً في الوقاية من السرطان عن طريق زيادة مستويات الأوكسجين في خلايا الجسم. على مدى السنوات الـ 11 الماضية ساعدت (يوغا الضحك) الأشخاص المصابين بالسرطان في القضاء على الاكتئاب، وخلقت لهم حالة عقلية إيجابية، مما ساهم في تحسين نوعية حياتهم، ونجا العديد منهم من المرض.

الضحك يقوِّي جهاز المناعة

أظهرت الدراسات الطبية في جميع أنحاء العالم أن عشر دقائق من الضحك من القلب لها تأثير مفاجئ وكبير في تقوية جهاز المناعة في الجسم، ويوغا الضحك تلعب دوراً مهماً في ذلك. التعود على الضحك إضافة إلى ممارسة الرياضة البدنية تساعد على إحداث تغييرات فسيولوجية وبيوكيميائية في الجسم، مما يساهم في تقوية جهاز المناعة. على الرغم من أن نوادي (يوغا الضحك) هي المكان المثالي لأداء هذا النوع من اليوغا، لكن يمكن للفرد أن يمارسها بمفرده أيضاً إذا تعذر عليه أن يقوم بها ضمن المجموعة، وستحمل له الفائدة المرجوة نفسها، وستجعله أيضاً يختبر شعور السعادة حين يكون بمفرده.

العدد 1105 - 01/5/2024