الرئيس الأسد لقناة «تي بي إس» اليابانية: أي شيء سيناقش في مؤتمر أستانا ينبغي أن يستند إلى الدستور

 أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن أي شيء ستجري مناقشته في مؤتمر أستانا ينبغي أن يستند إلى الدستور. وقال: أعتقد أن المؤتمر سيركز في البداية أو سيجعل أولويته كما نراها التوصل إلى وقف إطلاق النار وذلك لحماية حياة الناس والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى مختلف المناطق في سورية.. وليس من الواضح ما إذا كان هذا المؤتمر سيتناول أي حوار سياسي لأنه ليس واضحاً من سيشارك فيه.

وفيما يلي مقاطع من إجابات السيد الرئيس في المقابلة..

أود أولاً أن أرحب بكم في دمشق ويسرنا أن نتحدث إلى الجمهور الياباني للمرة الأولى خلال هذه الحرب على سورية.. ليست لدينا توقعات من مؤتمر أستانا.. بل لدينا آمال في أن يشكل منبراً لمحادثات بين مختلف الأطراف السورية حول كل شيء.. لكني أعتقد أنه سيركز في البداية.. أو سيجعل أولويته.. كما نراها.. التوصل إلى وقف إطلاق النار وذلك لحماية حياة الناس والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى مختلف المناطق في سورية..

ليس من الواضح ما إذا كان هذا المؤتمر سيتناول أي حوار سياسي.. لأنه ليس واضحاً من سيشارك فيه. حتى الآن.. نعتقد أن المؤتمر سيكون على شكل محادثات بين الحكومة والمجموعات الإرهابية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار والسماح لتلك المجموعات بالانضمام إلى المصالحات في سورية.. ما يعني تخليها عن أسلحتها والحصول على عفو من الحكومة.. هذا هو الشيء الوحيد الذي نستطيع توقعه في هذا الوقت.

ليس في دستورنا ما يسمى حكومة انتقالية.. يمكن أن تكون هناك حكومة عادية تمثل مختلف الأحزاب ومختلف الكيانات السياسية في سورية.. هذا هو موقفنا اذا أراد أي شخص الانضمام إلى تلك الحكومة.. التي نسميها حكومة وحدة وطنية.. فهذا خيار متاح لكل طرف خارج أو داخل سورية.. وبعد تشكيل تلك الحكومة يمكن التحدث عن انتخابات برلمانية يتبعها تشكيل حكومة أخرى تستند إلى نتائج الانتخابات.

نحن نتوقع ونأمل أن تكون الإدارة القادمة صادقة في تنفيذ هذا الخطاب فيما يتعلق بالإرهاب ومساعدة ليس سورية وحسب.. لأن الإرهاب اليوم ليس مشكلة سورية بل مشكلة شرق أوسطية وعالمية.. نأمل أن تكون صادقة في تشكيل تحالف حقيقي وواقعي لمحاربة الإرهابيين في المنطقة.. وهذا بالطبع سيشمل سورية في المقام الأول.

مضى على بداية عمل ما يسمى (التحالف الدولي) ضد الإرهاب أكثر من سنة ونصف السنة حتى الآن.. ولم يحقق شيئاً لأنهم ليسوا جادين.. بالنسبة لتركيا.. أردوغان (أخونجي).. وهو متعاطف داخلياً وغريزياً ومرتبط وملتزم بـ (داعش) والقاعدة لأن لهم نفس الأيديولوجيا ولا يستطيع أن يبتعد عنهم.. يحاول إجراء بعض المناورات لإظهار أنه ضد أولئك الإرهابيين في (داعش) و)النصرة).. لكنه يقوم فعلياً وبشكل يومي بدعم تلك المنظمات التي لا تستطيع البقاء دون دعمه.

بالطبع.. إذا أردت التحدث عن الضحايا ففي كل حرب هناك ضحايا.. وكل حرب سيئة.. في كل حرب قتل ودماء.. لا تستطيع التحدث عن حرب جيدة.. هذا بديهي.. لكن إذا كان عليك اللجوء إلى الحرب لمكافحة الإرهاب فسيكون هناك ضحايا للأسف.. ولقد فعلنا كل ما في وسعنا كي لا يكون هناك أي ضحايا.. لكن أولئك الذين يتباكون على أولئك المدنيين.. هل قدموا أي دليل على قيام سورية أو روسيا بقتل المدنيين السؤال الآخر..

كيف يمكن لحكومة.. من الناحية الأخلاقية أن تقتل شعبها وإذا كنا نقتل شعبنا أو نقتل المدنيين.. فكيف لنا أن نصمد ست سنوات كحكومة أو كجيش أو كرئيس هذا ليس منطقياً ولا واقعياً.. نحن هنا لأننا نتمتع بالدعم الشعبي.. لكن في النهاية.. كما قلت.. هناك دائماً ضحايا.. ونأمل أن نتمكن فعلاً من وضع حد لهذه الحرب في أسرع وقت ممكن.. فهذا هو السبيل الوحيد الذي يمكننا من خلاله إنقاذ الدماء السورية.

السؤال الذي يطرحه السوريون الآن على الرئيس..بالطبع انا كسوري أتعاطف مع كل سوري عانى بسبب الحرب.. السؤال هو ليس كيف تشعر.. بل ما الذي ستفعله.. متى سنتخلص من أولئك الإرهابيين.. لكن الأمر الأكثر أهمية والذي لا يذكره كثيرون في الغرب وفي العالم هو أن جزءاً من مشكلة اللاجئين لا يتعلق فقط بالإرهابيين أنفسهم.. بل بالحصار الذي فرض على الشعب السوري من قبل الغرب وحلفائه.. هذا الحصار لم يؤثر في الحكومة بل أثر في كل مواطن سوري.. أثر في حياة كل مواطن سوري.. لهذا السبب ترك العديد من اللاجئين بلدهم.. ليس فقط بسبب تهديد الإرهابيين.. بل في الواقع بسبب عدم توافر الاحتياجات الأساسية لحياتهم ولسبل معيشتهم كي يستمروا في حياتهم الطبيعية.. سواء من حيث الغذاء.. أو التعليم.. أو الرعاية الصحية.. أو أي شيء آخر. لم يعد ذلك متوافراً.. ولذلك يغادرون سورية للعيش في مكان آخر والحصول على الحد الأدنى من الحياة الذي يمكن لأي شخص أن يسعى إليه.

منذ استقلالنا ومنذ إطلاق العلاقات بين سورية واليابان قبل عقود لعبت اليابان دوراً مهماً وحيوياً في تطوير مختلف البلدان بما في ذلك سورية من خلال دعم البنية التحتية وما إلى ذلك.. وقد كانت اليابان دائماً غير منحازة فيما يتعلق بمختلف القضايا في الشرق الأوسط.. كانت دائماً تحترم القانون الدولي حتى بداية هذه الأزمة.. حيث خرقت اليابان هذه النزعة عندما قالت إن على الرئيس السوري الرحيل.. السؤال هنا.. هل يستند هذا إلى قيم وأخلاق الشعب الياباني بالتأكيد لا.. الجميع يعرف مدى أخلاقية المواطنين اليابانيين.. هل يستند ذلك إلى القانون الدولي لا.. فنحن بلد مستقل ذو سيادة.. وليس من حق أحد في العالم أن يحدد من ينبغي أن يبقى ومن ينبغي أن يذهب.. للأسف.. أتى هذا انسجاماً مع السياسة الأمريكية والغربية.. ومن ناحية أخرى.. انضمت اليابان إلى الحصار على سورية.. وهي التي كانت تساعد الشعب السوري..

هل يرتبط الحصار الذي فرض على الشعب السوري بأي شيء يتصل بمصالح الشعب الياباني أو قيمه أو قوانينه أو دستوره أو أي شيء آخر لا أعتقد ذلك.. وبالتالي.. كيف يمكن لليابان أن تلعب ذلك الدور في حين أن ليست لديها سفارة وبالتالي لا تستطيع أن تعرف ما يجري هنا.. في الواقع إنها تعاني من العمى مثلها في ذلك مثل العديد من البلدان الغربية التي لا ترتبط بأي علاقة مع حكومتنا أو مع بلدنا.. وبالتالي لا تستطيع أن تلعب أي دور لأنها لا تعرف ما يحدث.. معلوماتها مستمدة من الدول الغربية.. وهو أمر سخيف بالنسبة لنا.. لا تستطيع التحدث عن إعادة البناء في سورية بينما تفرض حصاراً عليها. لا تستطيع أن تعطي الغذاء بيد وتأخذه باليد الأخرى.. وبالتالي.. فإن هذا يتعلق بسياسة اليابان.. عليهم أن يعودوا إلى القانون الدولي.. فنحن بلد ذو سيادة.. وقد كانوا دائماً يحترمون سورية.. ونحن نتوقع منهم أن يعودوا إلى ذلك الخط الذي ميز اليابان عن معظم دول العالم.. هنا يمكن لليابان بالتأكيد أن تلعب دوراً مهماً وحيوياً فيما يتعلق بالسلام والمحافظة على الدماء وإعادة بناء سورية لمساعدة أولئك الناس..

معظم اللاجئين ليسوا بحاجة لأن يرحب بهم أحد في ألمانيا أو فرنسا أو أي بلد آخر.. إنهم يريدون العودة إلى بلادهم ولا يريدون أن يحصلوا على المساعدة هناك.. بل يريدونكم أن تساعدوهم هنا.. هكذا نرى دور اليابان في المستقبل.. ونأمل أن تعود اليابان التي كنا نعرفها خلال العقود الماضية.

 

العدد 1105 - 01/5/2024