ترامب.. وخيارات كندا الصعبة

د. صياح فرحان عزام:

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقال مؤخراً من رئاسة الحزب الليبرالي الحاكم بعد أن قضى عشر سنوات في السلطة، وجاءت استقالته بشكل مفاجئ، حيث واجه في الأشهر الأخيرة العديد من الأزمات داخل حزبه الذي تدنت شعبيته إلى مستوى غير مسبوق قبل أشهر قليلة من تنظيم الانتخابات التشريعية (المزمع إجراؤها في شهر تشرين الأول المقبل من هذا العام)، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، وأزمة الإسكان والخدمات العامة، لكن ما عجّل في الاستقالة خلافه مع نائبته كريستيا فريلاند حول سبل مواجهة الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب، وتهديداته بفرض رسوم جمركية جديدة تصل إلى 25% على السلع الكندية والمكسيكية بمجرد أن يتولى منصبه في البيت الأبيض.

وإذا كان ترودو برع في حياته أثناء شبابه على حلبات المصارعة والملاكمة التي أوصلته إلى السلطة، فإن حلبة السياسة أجبرته على الانسحاب منها مكرهاً في وقت بالغ الحساسية بالنسبة إلى كندا التي يدعو ترامب لضمها إلى الولايات المتحدة، وبعدها لن تكون هناك تعريفات جمركية، وستنخفض الضرائب بشكل كبير، وستكون كندا آمنة تماماً من تهديدات السفن الروسية والصينية التي تحيط بها باستمرار حسب ادعاءات ترامب.

لقد حاول ترودو التوصل إلى اتفاق مع ترامب حول التعريفات الجمركية خلال زيارة قام بها إلى الولايات المتحدة في شهر تشرين الثاني الماضي، وتناولا العشاء معاً في منتجع مارالاغو بفلوريدا، لكن الاجتماع فشل ولم يتم احتواء الأزمة، ما أدى إلى تفاقم أزمة ترودو الداخلية.

والجدير بالذكر أن الشراكة التجارية بين الولايات المتحدة وكندا هي الأكبر بين أي بلدين في العالم، إذ بلغت القيمة الإجمالية لحركة التجارة عبر الحدود 926 مليار دولار عام 2023، أي ما يقارب الـ29 مليار دولار في اليوم، وفرض رسوم جمركية جديدة يشكل أزمة حقيقية لكندا، وهو أمر لا يستطيع ترودو مواجهته، لأنه يمثل خطراً كبيراً على النمو الكندي، الأمر الذي اضطره إلى الاستقالة مع البقاء في منصبه إلى حين اختيار الحزب الليبرالي خليفة له في قيادة الحزب، وتولي منصب رئاسة الحكومة إلى حين إجراء انتخابات تشريعية، وأعلن في خطاب استقالته (أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أية معركة خاصة، إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا ولبلدنا، لكني أقوم بهذا العمل، لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية هي أشياء مهمة بالنسبة لي).

هذا وسيتم تأجيل اجتماعات البرلمان حتى 24 آذار المقبل، بانتظار اختيار زعيم جديد للحزب، حيث تتحرك شخصيات بارزة في الحزب لتولي القيادة، ومن هؤلاء مارك كربي (59 عاماً) الذي يشغل منصب المستشار الاقتصادي للحزب، ونائبة رئيس الحكومة السابقة كريستبا فريلاندا.

أما زعيم حزب المحافظين المعارض فيقدم نفسه منقذاً لكندا في حال فوز حزبه في الانتخابات المقبلة، ويتهم ترودو بأنه يتبع سياسة متطرفة للغاية، ويرى خبراء أن انتخابات رئيس وزراء محافظ قد يكون أكثر توافقاً مع توجهات ترامب.

العدد 1140 - 22/01/2025