الناتج المحلي السوري
د. عامر خربوطلي:
مصطلح متداول عالمياً يستخدم في مقارنة القوة الاقتصادية للدول، وهو يقيس قيمة جميع السلع والخدمات النهائية داخل الدولة خلال مدة زمنية محددة (سنة) وهو يعكس الحالة الاقتصادية للدولة عبر تقدير حجم الاقتصاد ومعدل النمو لهذه الدولة.
إنه الناتج المحلي الإجمالي GDP وهو يعكس جميع القيم الإجمالية التي أضاقها السكان والمؤسسات المشاركون في الإنتاج والخدمات خلال فترة عام.
وهناك طرق عديدة لتحديد هذا الناتج، في مقدمتها طريقة الإنتاج أو القيمة المضافة وطريقة الدخل وطريقة الاستهلاك المتوقع.
ورغم أن الناتج المحلي ليس مقياساً لمستوى المعيشة في الاقتصاد ومع ذلك فهو يستخدم عادةً كمقياس لذلك باعتبار أن جميع الأفراد داخل البلد يستفيدون من زيادة الإنتاج والخدمات في دولتهم وبالتالي يُفترض أن يتحسن دخلهم مع زيادة هذا الناتج.
الناتج المحلي الإجمالي السوري يتم تقديره بحسب الجهات المختصة بطريقة الاستهلاك لصعوبة تقدير الإنتاج الكلي، وهو غالباً ما يستثنى القطاع غير المنظم أو غير الرسمي، وبالتالي فإن الرقم الإجمالي لهذا الناتج ينبغي أن يضاف إليه تقديرات هذا القطاع وهو شكل حوالي 40% على الأقل.
والسؤال المهم هنا هل يتناسب الناتج المحلي السوري حالياً مع إمكانيات الاقتصاد السوري؟ وهل قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات لها ما يكفي من الإسهامات على مستوى القطاع الحكومي والخاص والأهلي وهذا ما يجعل الناتج المحلي الحالي لا يعبر بالشكل الأمثل عن مقدرات الاقتصاد السوري ومحركات نموه الذاتية لأسباب تتعلق أساساً بمنعكسات الأزمة وتراجع مضاعف الاستثمار الذي يشكل محرك العمل الاقتصادي الكلي.
وفق بيانات مجموعة البنك الدولي عام 2010 بلغ الناتج المحلي السوري ما يقارب (107) مليارات دولار، وهو اليوم أي في عام 2021 بحدود 8 مليارات نتيجة الانكماشات المتتالية في معدلات النمو أو معدلات النمو الضعيفة التي سجلت في عام 2021 ما يقارب 1.3 % وهي تقل عن معدل النمو السكاني البالغة 2.7% تقريباً في أفضل أحوالها، لذلك لم يشعر الأفراد بأي تحسن في مستوى المعيشة والدخل مما يجعلنا ربما نشكك في رقم GDP السوري أصلاً.
المهم بدايةً تحديد نقطة الانطلاق في تحقيق الأنشطة والقطاعات الاقتصادية لتعمل بأقصى طاقاتها وأعلى قيمها المضافة عبر تحريك مضاعف الاستثمار الذي يعمل أساساً على الشكل التالي:
إذا حصلت زيادة في الاستثمارات سواء الخاصة أو العامة أو الأهلية بمقدار معين فسوف تحدث مجموعة من ردود الأفعال فشراء السلع الاستثمارية من آلات وتجهيزات ومواد أولية سينجم عنها زيادة في دخول منتجي أو موردي هذه المواد وإذا قام المنتجون بإنفاق ثلاثة أخماس الزيادة الإضافية مثلاً الحاصلة في دخولهم فإن ذلك سيزيد من حجم الدخل الكلي الناجم عن الاستثمار الأولي وتستمر موجة الزيادات في الدخل مادام المنتجون ومقدمو الخدمات سيستفيدون من تلك الزيادة بفعل الترابط بين سلاسل الأعمال والتوريدات بشرط استمرار وجود ميل حدي كبير للاستهلاك أي طلب استهلاكي فعّال.
والمشكلة في حدوث ذلك بالشكل الذي يحققه مضاعف الاستثمار وانعكاساته في زيادة الناتج المحلي السوري يتمثل في ضعف الاستهلاك نتيجة ضعف الدخول الفردية أصلاً في سورية، إضافة إلى عدم حدوث استثمارات أولية بالشكل الكافي نتيجة أوضاع اقتصادية وتشريعية ومالية غير مشجعة بما يكفي.