لا نامت أعين الجبناء!

علي شوكت:

خلال الصراع الطويل الدائر بين قوى الشر والغطرسة والنهب والإجرام، وقوى المقاومة في حقها الطبيعي والمشروع بتحرير الأرض المغتصبة وعودة لاجئيها الذين شردوا في أربعة أصقاع الأرض، لم تكن أمريكا ودول الغرب فرنسا وبريطانيا وألمانيا رغم دعمهم اللا محدود واللا متناهي بالمال والسلاح والاقتصاد والسياسة، أحد اسباب همجية وغطرسة وإجرام الكيان الصهيوني. ولا حتى ضعف المقاومين البواسل. فقد قدموا ما استطاعوا وقارعوا المحتل نهاراً جهاراً فوق الأرض وتحت الأرض في الجبال والوديان وكسروا مخرزها المدجج بكل أنواع السلاح وأعتاه. كسروه بمآقي عيونهم وصلابة سواعدهم وبسالة مواقفهم وشجاعة قلوبهم وعزيمتهم وإيمانهم بتحقيق غايتهم بالتحرير إما بالشهادة أو النصر وبتغليب الدم على السيف فانطلقوا إلى ميادين الجهاد والكفاح والقتال بكل إصرار وتحدٍ وإقدام. وضربوا أروع الأمثلة في الشجاعة والتضحية ونكران الذات فقدموا كل ما لديهم وأغلى ما يملكون، فضحوا بالمال والولد والنفس وارتقوا في ميادين الوغى مقبلين غير مدبرين مستبشرين بالنصر القريب عارفين أن تحقيق ذلك لا يتم إلا عبر طريق من الآلام والتضحيات الجِسام والصبر.

بل كانت الأنظمة العربية المتخاذلة الخانعة هي أهم أسباب تعنت العدو وإجرامه. وأشد ما يؤلم تلك الثلة من المقاومين أن بعض من أبناء جلدتهم أكثر غلواً وصفاقة من العدو نفسه وإن الأنظمة العربية التي باعت نفسها وشعوبها للعدو بأبخس الأثمان مقابل الحفاظ على ممالكها وإماراتها وكراسي حكامها كعملاءٍ وأجراء أذلاء. فهم على علمٍ بأن العدو يتربص بهم جميعاً. فما إن ينتهي من واحدٍ حتى يبدأ بافتراس الآخر، على حد قول الشاعر:

وإذا تركت أخاك تأكله الذئابُ

فاعلم بأنكَ يا أخاهُ ستستطابُ

تلك الأنظمة العميلة الخانعة استمرأت الخضوع لإرادة قوى الإجرام فدجنت شعوبها بعملية غسيل إعلامي عبر فضائياتها ومحلليها ومروجي رواياته وافتراءاته وخداعه وكذبه بإظهاره كضحية وأن المقاومة كما تصفها عبثية تخريبية تدميرية تتلاعب بها قوى إقليمية ذات اليمين وذات الشمال.

فألبسوها ثوب المجرم الجلاد وألبسوا العدو ثوب الضحية.

ونسوا أو تناسوا أن المقاومة حق مشروع مقدس وواجب على كل شريف أبي أصيل. وأن المقاومة باقية ما بقي الاحتلال وإن طال الزمن وأن العملاء سيندحرون مع اندحاره. وأن النصر لا بد أتٍ ولو كثرت التضحيات ورويت الأرض بدماء الشهداء الأكارم الأشراف. مئات من القادة ارتقوا عبر مسيرة مشرفة من المقاومة والنضال والكفاح المتواصل. لم تزد المقاومين إلا إصراراً على مواصل درب العطاء والتضحية وبذل المزيد من الدماء من أجل تحرير الأرض والمقدسات. فما إن يرتقي منهم شهيدٌ حتى يتنكب الراية عشرات ومئات القادة الجدد، مثبتين أن هذه الأرض ولادة بالقادة والأبطال المقاومين كما الانبياء.

فلا نامت أعين الجبناء!

العدد 1140 - 22/01/2025