العنف ضد المرأة وواقعها اليوم بين هجمات الحروب
د. عبادة دعدوش:
يُعدُّ العنف ضدّ المرأة واحداً من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً وتدميراً في عالمنا اليوم، وآفة تفاقمت في بيئات مختلفة وبضمن ذلك أماكن العمل والمساحات المفتوحة عبر الإنترنت، وتفاقمت بسبب آثار ما بعد جائحة كورونا والصراعات والحروب.
إن العنف ضدَّ المرأة من المشاكل غير الصحية، العامة والرئيسية، التي تتأصّل في عدم المساواة القائمة على النوع الاجتماعي، كما أنه انتهاك جسيم بحق الأنثى التي أوصى الرسول صلى عليه وسلم برعايتها وحفظها، ممّا يؤثّر بلا شك على صحة ملايين النساء والفتيات.
ماهي أسباب العنف ضد المرأة؟
*الشعور بالنقص لقلّة الإمكانيات المادية والاجتماعية بما يؤثّر فيه سلباً، فيبدأ بمقارنة نفسه بالآخرين باحثاً عن طريق حب الظهور وذلك سواء كان من الرجل كفرد أو من المجتمع كقوانين.
*الظروف المعيشية التي تجعل المرأة تلجأ للعمل، فيصبح عملها عبئاً عندما يكون ضمن بيئة غير سويّة، فتتعرض للأذى اللفظي والجسدي.
*للحروب أيضاً دور كبير في زيادة العنف ضدَّ المرأة وتقييدها لتكون عبدة فقط، لا يحق لها المشاركة في أي نشاط اجتماعي أو سياسي.
*وقد تقع النساء ضحية للعنف بسبب جنسهن. والعنف المُمارس ضدَّ النساء يُعدُّ مظهراً من مظاهر تفاوت القوة بين الجنسين، فحق النساء والفتيات في حياة خالية من العنف هو حق مشروع من حقوق الإنسان، إلاّ أن الواقع يختلف كلياً عن شرعية تلك الحقوق، وهذا ما يحصل في كل مكان.
*كذلك، من أشكال العنف ضدّ المرأة على سبيل المثال: التحرّش الجنسي والإذلال والإهانات والضرب والتهديد والتحكّم بها على الصعيد الاجتماعي.
إن ضحايا العنف من النساء في العالم وخاصة العالم العربي ومنه سورية وفلسطين هن ّمن مختلف الشرائح الاجتماعية على اختلاف مستوياتهن العلمية والثقافية، وعادة ما يكون الجناة هم إمّا الشركاء والأزواج أو الآباء أو الإخوة أو الزملاء، وكثيراً ما تتعرّض النساء والفتيات للعنف في الأماكن التي يُفترض أن تكون آمنة لهنّ وبعيدة عن عقول تتحجّم بالعنف والامتلاك والإذلال.
في سورية وفلسطين اليوم بما نعيشه من أزمات وحروب تخور قوى المرأة لتصبح رغم كل قوتها بحماية نفسها وأسرتها وأهلها كائناً ضعيفاً وهزيلاً يستمر في عيش المقاومة ليصبح لصوته صدى ولأفعاله مكانة. لكن المرأة تستطيع وهي قادرة على المحاربة بعقل وسلاح فتّاك لا أحد يستطيع صدّه إلاّ من تخلل قلبه الوحشية وكان يجد في الأنثى عدواً بدلاً من سند.
من الآثار السلبية للعنف ضدَّ المرأة، إعاقة التقدم في العديد من المجالات مثال القضاء على الفقر وإحلال السلام والأمن، لذا أعلنت الجمعية العامة يوم 25 تشرين الثاني اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة ودعت الحكومات والمنظمات الدولية وغير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف زيادة الوعي العام لتلك المشكلة.
إن المرأة قادرة على أن تكون السند وأن تحمل الكثير من الأعباء والضغوطات، لكنها بالمقابل ليست حجراً ولا ضلعاً قاصراً وليس مقبولاً أن تتلقّى بصمتٍ إهانتها وتعنيفها، فمن يكُن لها سنداً فستكون له بلداً.