بجسارة العاشق لسورية وللموسيقا والغناءعبد الكريم حمدان يخرج من منافسات «أرب آيدل»

خرج عبد الكريم حمدان بجسارة العاشق لسورية وللموسيقا والغناء، وشكل خروجه فراغاً فنياً كبيراً، بعد أن أشادت به لجنة التحكيم. وكان من المتوقع أن يخرج حمدان من المنافسة في البرنامج الأكثر متابعة في العالم العربي (أرب آيدل) والذي يبث على قناة ال (إم بي سي) لا لفقدانه القدرات الصوتية المتعددة المساحات، أو لضعف في ثقافته الموسيقية وحضوره الفني على خشبة المسرح، بل من طبيعة المنافسة في البرنامج التي تعتمد على تصويت الجمهور.

فقد قدم عبد الكريم حمدان عبر الحلقات الماضية الصوت السوري الأصيل في اختياراته وأدائه اللافت، فقد زاوج في أغلب التجارب الصوتية التي قدمها بين الأصالة في الصوت والحداثة، وقد ظهرت هويته الصوتية الأصيلة في القدود والموشحات الحلبية، إضافة إلى قدراته على التأليف وكتابة المواويل. ففي إحدى الحلقات قدم حمدان نموذجاً راقياً للصوت السوري الذي يقرأ الأحداث من موقعه ليساهم في التلاقي بين أطياف المجتمع السوري.

ويعود للمكان الأول والثقافة الأولى الدور الكبير في إنضاج صوته، فحلب المدينة وماتعنيه وتحتويه من أصوات وتجارب موسيقية أصيلة، من علي الدرويش الحلبي إلى عبد الرحمن الجبقجي، مروراً بأديب الدايخ وصباح فخري ومحمد خيري. وكان عبد الكريم حمدان يدرك كل هذه التجارب وقدم صوته على أساس هذه الثقافة، وقد جمع في مواله الشهير (حلب يانبع الألم) بين الأصالة في اعتماده على مقام الرصد والحداثة في الانتقالات الصوتية الحادة التي تحقق حضوراً والتفاتة إلى الفكرة التي يريد أن يقولها. ومنذ البدايات في الحلقات الأولى أدركت لجنة التحكيم طراوة الصوت وثقافته عبر الملاحظات التي كانت تقدمها في كل حلقة، وخصوصاً ملاحظات الموسيقي حسن الشافعي والنجم راغب علامة. واللافت، أن عبد الكريم حمدان، رغم الأوضاع المؤلمة التي تمر بها البلاد، تمكن من الثبات في البرنامج إلى النهائيات، فقد أثبت الجدارة في قدرته على اختيار الأغنيات المناسبة، والانتقال بمساحته الصوتية المتعددة الأطياف من جملة موسيقية إلى أخرى دون الخروج عن (التون) الأساسي للجملة الموسيقية. لكن التصويت الذي تتضافر فيه جهود مؤسسات كبيرة لإنجاح هذا الصوت أو خروجه من المنافسة فعل فعلته هذه المرة في تغييب أهم الأصوات وأكثرها أصالة بين المشاركين.

ويبقى هناك صوت سوري آخر في البرنامج يمثل سورية لايقل أهمية عن عبد الكريم حمدان، وهو صوت فرح يوسف، ذلك الصوت الذي أدى أعقد الأصوات في العالم العربي بجرأة ونجاح كبيرين. وقد يكون الجمهور العربي عموماً والسوري خصوصاً قد فقد بخروج حمدان، جناح الأصالة في الموسيقا والغناء، إلا أنه باستمرار فرح يوسف في المنافسة يجعله أكثر إيماناً بأن تصل فرح إلى آخر المشوار لتثبت من جديد استمرار الأصالة في العطاء بكل أبعادها.

العدد 1140 - 22/01/2025