«نظّفها… بترجع أحلى»

يقيناً منها أن الإيمان لا يمكن إلاّ أن يتجلى في الإجراءات البناءة، في كل المجالات، أقامت دائرة العلاقات المسكونية التابعة للبطريركية الأنطاكية الأرثوذكسية، وضمن برنامج بناء القدرات المجتمعية، دورة للشبيبة في صحنايا وأشرفية صحنايا، نتج عنها مشروع (نظّفها.. بترجع أحلى)! وهو مشروع بيئي توعوي يهدف إلى الاستفادة من النفايات وتكريرها لإعادة استخدامها، مما يخفف من التلوث البيئي والبصري.

عن برنامج بناء القدرات المجتمعية الذي تقوم به الدائرة وأهدافه توجهنا بالسؤال للسيد إلياس خوري، وهو مساعد منسق البرنامج فقال: (الهدف من برنامج بناء القدرات المجتمعية العمل على تدريب أكبر عدد ممكن من الأشخاص ليصبحوا أكثر فاعلية في مجتمعاتهم بتدريبهم على الاستجابة للحالات الطارئة التي يتعرضون لها،  ومن ذلك تدريبهم على الإسعاف النفسي الأولي والتعامل مع الحالات الصعبة من الناحية النفسية، إضافة إلى تدريب المتطوعين على الإغاثة الإنسانية وفق مشروع اسفير (الميثاق الإنساني والمعايير الدنيا في مجال الاستجابة الإنسانية، الذي وافقت عليه من 193 دولة، ومنها سورية) وأيضاً التدريب على تقييم الاحتياجات المجتمعية التي تعتبر ضرورية للحد من المخاطر الناتجة عن الأحداث الأخيرة التي نعيشها، كذلك التدريب على كيفية التقييم التشاركي للمشاريع المجتمعية. ومن ضمن هذه التدريبات التي أجريت للمتطوعين في صحنايا وأشرفية صحنايا قام المتطوعون بوضع خطة لتنفيذ مشروع نظافة قائم على عملية تدوير النفايات، فقد قامت البطريركية برعاية تامة لهذا المشروع من البداية بالعمل على تدريب المتطوعين وصولاً إلى المساعدة في التخطيط والتنفيذ والدعم والتمويل، وذلك ضمن خطة عمل البطريركية وبرامج الإغاثة التي بدأت منذ بداية الأحداث على أمل متابعة دعم هؤلاء المتطوعين ودعم مجتمعاتهم). وعلى أرض الواقع في صحنايا شباب متحمس للعمل ولوضع بصمة التغيير في المجتمع… سألناهم عن هدف هذا المشروع الذي اقترحوه تطبيقاً عملياً للدورة التي اتبعوها.. فقلت ريهام: بدأ التعاون بدورة بناء القدرات المجتمعية، وقمنا باقتراح مشروعين، الأول إضاءة الشوارع بالبطاريات والثاني فرز النفايات، اخترنا هذا المشروع بسبب وجود كميات كبيرة من القمامة في الطرقات وروائحها منتشرة انتشاراً كبيراً، وتفاعل هذه المواد أدى لوجود بعض الإصابات بمرض اللشمانيا.. مشروعنا مشروع بيئي توعوي لدرء المخاطر، يهدف إلى الاستفادة من النفايات وتكريرها لإعادة استخدامها، وهذا يعود بالفائدة على المجتمع والبيئة مما يخفف من التلوث البيئي والبصري (الحفاظ على جمالية المنطقة) كما يهدف للوصول إلى مجتمع أكثر صحة وتضاؤل ظاهرة عمالة الأطفال في جمع القمامة والوصول إلى مظهر حضاري وإلى مستوى من الوعي عن طريق بناء جيل مثقف بيئياً، ودرء المخاطر البيئية المنتشرة مع النفايات.

يشمل هذا المشروع فرز المواد التالية (زجاج -بلاستيك -تنك – مواد طبية -ورق – بطاريات) عن طريق وضع كل منها في حاوية مخصصة لنوع واحد من القمامة، وتجهيز هذه الحاويات وتلوينها والكتابة عليها وفرزها، ثم توزيعها في أرجاء البلدة.

و هذا العمل يتم بالمشاركة مع مختلف فعاليات المجتمع المحلي ومهن متعددة، إذ يشارك الفنان وائل الدهان والفنان وضاح سلامة، كما يشارك عمال حدادة ونجارة ودهان، ومهندسون وأطباء وعمال نظافة وعمال غير متخصصين والبلدية في صحنايا والأشرفية التي قمنا بالتنسيق معها، بداية حصلنا على الموافقة لجمع القمامة وفرزها ووضع حاويات جديدة، والعمل على إعادة توزيع الحاويات وتيسير عملية النقل.

هذا المشروع يتطلب أيضاً التنسيق مع وزارة البيئة لتصريف النفايات، والتنسيق مع المراكز الصحية والصيادلة والمحلات التجارية والمطاعم والمعاهد والأندية… بدأنا بالتنسيق مع شركات تعنى بتكرير الورق ومع الشركة العامة للزجاج ومع إحدى شركات الأدوية، وتواصلنا مع إحدى شركات البلاستيك التي زودتنا بأسعار الحاويات وأبدت موافقتها على قبول البلاستيك. وفي المستقبل لدينا إمكانية لتطوير المشروع بالعمل على بقايا الأقمشة سواء المرمية مع النفايات أو الفائضة من ورشات الخياطة وغسلها وإعادة خياطتها…

مدة تنفيذ هذا المشروع سنة، يتبناه الأشخاص المشاركون إلى جانب البلدية.

هذا المشروع يحتاج أيضاً إلى إطلاع الأهالي عليه وشرحه وتوضيح فوائده على البيئة ونظافة الشوارع ليتم تبنيه من قبل السكان المحليين.

في بلاد الاغتراب أيام مخصصة لرمي أنواع معينة من القمامة، رمي فضلات الطعام بأكياس ذات لون مختلف عن فضلات البلاستيك، وفي يوم مختلف، وهذا الفرز يتم في المنازل تلقائياً.

ربما هذه خطوة نساعد فيها البلدية على تحسين الوجه العام بدءاً من تفاصيل صغيرة ومهمة كهذه، لنحلم ربما بأن نكون فاعلين لتغيير أكبر في بلداتنا وأحيائنا لا يأتي بقرار من فوق، بل من حسٍّ فينا أن هذا وطننا.

العدد 1140 - 22/01/2025