انتهاكات بالجملة
أطفالنا في الحرب خارج سورية وداخلها، مدراس تضرب بالقذائف والكاتيوشا، ولقاحات تعطى لأطفال وقد سممت قصداً، إذ يروح ضحاياها أطفال بلا هوية ولا أوراق مسجلة..فهل سنعيد على مسامع الأمم المتحدة والمنظمات العالمية والدول والحكومات ما هي اتفاقية حقوق الطفل التي صادقوا عليها، وعليهم تنفيذها والتي تتحدد بمبادئ رئيسية عامة لا يمكن اختراقها؟
بداية الاتفاقية لم تأت بسبب اهتمام المجتمعات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة فقط، بل جاءت نتيجة للتطور التاريخي وللتراكم عبر مئات السنين من نضال الشعوب بمفكريه ومناضليه وتطور الوعي المجتمعي بالنظر إلى الطفولة بوصفها فئة اجتماعية لها القيمة الإنسانية ذاتها لباقي الفئات، فلم تعد هذه الفئة مهمشة تحيا على جانب التطور الحضاري، بل أصبح من الضروري الاهتمام بحاجاتها ومتطلباتها والاعتراف بمصالحها وخصوصيتها.
ونتيجة للحروب والكوارث التي ألمت بالبشرية وما نتج منها من ويلات أصابت فئات المجتمع كافة، وعلى الأخص الأطفال الذين عانوا من القتل والتشريد والانتهاكات للحقوق كافة، بسبب كل ذلك كانت هذه الاتفاقية التي شملت جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنصوص والقواعد والمواد القانونية التي تعنى بحماية الأطفال ورفاهيتهم، والتي تهتم بالطفل، لأن الطفولة قيمة بحد ذاتها يجب الاهتمام بها ورعايتها.
حاولنا أن يتعرف الطفل على حقوقه لأنه يجب أن يعرف الفرد حقوقه المنصوص عنها بالقانو، لأن ذلك عامل أساس لمواجهة أي انتهاك قد يتعرض له، ومن دون هذا الوعي يتم السكوت عن الانتهاك بوصفه من المسلمات، ويأخذ شيئًا فشيئًا طابع العرف الذي يخرج من دائرة الاحتجاج ومحاولة التغيير على الرغم من مخالفته للقوانين.
إضافة إلى أن تربية الطفل على التعامل مع حقوقه ومعرفتها يشكل رادعاً معنوياً في المستقبل لديه ضد انتهاك حقوق الآخرين.
أصبحت الاتفاقية قانوناً دولياً في الثاني من أيلول عام ،1990 وصادقت سورية عليها عام ،1993 ومن أهم ميزات هذه الاتفاقية أنها عالمية وتؤمن مصلحة الطفل الفضلى في جميع السياسات وبرامج الحكومة وتؤكد حقوقهم في (45) مادة، قسمت إلى ثمانية أقسام، وكان القسم الأول في المادة (1) التي عرفت الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة أو سن الرشد.
واهتمت المواد (2 ،3 ،6، 12) بالمبادئ العامة، كعدم التمييز والمشاركة والبقاء والنماء ومصالح الطفل الفضلى.
وعنيت المواد (7، 8، 13، 14، 15، 16، 17) بالحقوق المدنية والحريات للطفل، كحقه مثلاً في حرية تكوين جمعيات.
وأمنت المواد (5، 9، 10، 11، 18، 19، 20، 21، 25، 27، 39) المحيط الأسري الواجب للطفل والرعاية البديلة في حال عدم وجود أسرة.
واعتنت المواد (23، 24، 26، 27) بالاهتمام بصحة الطفل ورفاهيته ورعايته وخاصة الطفل المعوق وإيجاد ظروف معيشية ملائمة للطفل.
وكانت المواد (28، 29، 31) خاصة بالعناية بالتربية والترويح للطفل، كإعطائه الحق في الراحة واللعب وتوفير الفرص له لتمضية أوقات الفراغ.
وكانت مجموعة المواد (22، 28، 32، 33، 34، 35، 36، 37، 39، 40، 30) للاهتمام بإجراءات الحماية الخاصة للطفل، كحماية الأطفال اللاجئين وحمايتهم في النزاعات المسلحة وحماية الأحداث من الاستغلال الاقتصادي والجنسي وأيضاً حماية الأطفال المنتمين إلى أقليات.
ووضعت المواد (4، 41، 42، 43، 44، 45) لتنسيق إجراءات التطبيق الواجبة لتنفيذ الاتفاقية.
هذه الاتفاقية شاملة ومرنة ومتكاملة ولا تخضع لحساب الأولويات، فكل حق من دون الآخر لا يكتمل ولا تتحقق حقوق الطفل إلا بوصفها كلاً متكاملاً.
لا يمكن أن تتحقق الاتفاقية إن كان هنالك طفل واحد يعيش كما يعيش الأطفال السوريون، فأين أصواتكم أيها الناشطون والمهتمون بقضايا الإنسان والطفولة؟!