معمل الزجاج بـ«القدم».. ومستحقات العاملين!

معمل الزجاج بـ(القدم) من أقدم المعامل في سورية، ربط اسمه باسم الحي، لأنه في حي القدم جنوب دمشق، أُمّم في القرن الماضي، وأتبع لوزارة الصناعة.. ويتبع لهذا المعمل معمل زجاج دمّر ومعمل الخزف على مفرق صحنايا.

كان المعمل يقوم طيلة فترة تشغيله بصناعة الزجاج المحجر والزجاج السادة والقوارير والكاسات بمختلف أنوعها والأواني المنزلية لكل أنحاء سورية.. وكان له اسم كبير في الجودة والإنتاج في صناعة الزجاج..

تعاقب مديرون عامون كثر على إدارة المعمل، منهم من أصبح وزيراً في حكومات سابقة، ومنهم من ترك القطاع العام وأصبح متعهداً.. ولكن أحد المديرين العامين السابقين لهذا المعمل، استلم إدارة المعمل (17 سنة).. وفي عهده توقف معمل زجاج دمّر، وبيع حديد المعمل (خردة)، وتوقف معمل الخزف، وتوقف قسم من معمل زجاج القدم.. وجاء بفكرة إنشاء معمل (فلوت)، أي الزجاج المسطح السادة.. وفي تلك الفترة نُصح السيد المدير العام بإنشاء معمل في المنطقة الصناعية بعدرا، ولكنه رفض.. وقام ببناء المعمل في المكان نفسه، إلا أنه تعاقد مع شركة صينية بإنشاء معمل فلوت، ومع شركة (ألاسكو).. وقامت إدارة المعمل ببيع المعمل القديم حديد خردة للتجار.

وفي بداية عام 2006 استجرّت الآلات، وبعث 60 فنياً إلى الصين للتدريب، ولكن لم ينفذ من المعمل إلا 30% لأسباب مجهولة لا نعلم بها.. ولم تقم الجهات المختصة بالتحقيق اللازم لأسباب توقف المشروع.. ومنذ ذلك التاريخ المشروع متوقف.. قامت إدارة المعمل بقطع مستحقات العمال دفعة واحدة عام 2006 وبقي مكتب النقابة متفرجاً، وهو مُمثّل في اللجنة الإدارية بعضوين (رئيس النقابة، وأحد أعضاء اللجنة النقابية في المعمل).. وأهم هذه المستحقات:

1- توقف النقل من المعمل وإليه.

2- إلغاء الوجبة الغذائية.

3- إلغاء الطبابة (حصرها بالسيد المدير العام لحين يعالج العامل في أحد المشافي).

4- إلغاء اللباس العمالي.

5- إلغاء تعويض طبيعة العمل وتعويض طبيعة أخطار المهنة.

يوجد في المعمل نحو 400 عامل وعاملة، أغلبهم من الريف الدمشقي، ومع استمرار الأزمة توقف كل شيء حتى الزجاج المحجر، لأن المنطقة ساخنة نوعاً ما.. وفي تلك الفترة عيّن مراقب دوام للمعمل (س) من قبل السيد المدير العام، وهذا المراقب يحل ويربط ويستعمل ديكتاتوريته على العمال لتطفيشهم، مع العلم أن العمال كانوا يذهبون إلى بيوتهم على حسابهم الخاص في ظل الظروف الأمنية المعقدة والحواجز وقلة السرافيس.. وإن هذا المراقب لا يوجد قرار بتسميته منذ نحو ست سنوات، وهذا مخالف للأنظمة والقوانين، ومازال على رأس عمله، إلى أن جاء السيد المدير العام الجديد في بداية ،2014 فكانت أغلب مطالب العمال للمدير الجديد بتغيير مراقب الدوام، ولم يتمكن من تغييره أو حتى إصدار قرار، وانشغل المدير الجديد بتشغيل المعمل القديم المتوقف (الزجاج المحجر)، لأن المنطقة عادت إلى أمانها في هذه الفترة، ونسي مطالب العمال ومستحقاتهم.. فهمّه أن يعود المعمل إلى عمله ويأتي بالوزراء والكاميرات للتصوير، ولكن قلوب العمال تعصر دماً على المطالب. وفي الترميم الأخير للجان النقابية جاء رئيس النقابة باللجنة  النقابية ذات اللون الواحد، وأقنع المستقلين بالانسحاب.

وجاء من خلال المحسوبيات والواسطة وعن طريق الاتحاد المهني بعضو لجنة إدارية معه شهادة الكفاءة فقط، ولم ينظروا إلى كفاءة أحد أعضاء اللجنة النقابية وخبرته وشهادته. حسب ما نص عليه القانون رقم 2 بشأن المؤسسات العامة والشركات العامة، وبناء على أحكام الدستور وعلى ما أقره مجلس الشعب في جلسته المنعقدة بتاريخ 30/12/2004 الصادر عن رئيس الجمهورية العربية السورية بتاريخ 9/1/2005 أن يكون ممثل العمال في مجلس الإدارة أو اللجنة الإدارية فئة أولى أو فئة ثانية، من ذوي الخبرة، ويسميه المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال.

فكيف سنقوم بتشغيل المعمل وقلوب عمالنا مكسورة؟ فمنهم من لم يتمكن من المجيء إلى المعمل بسبب ظروف المعيشة الصعبة، ومنهم من فقد أسرته، ومنهم الجريح، ومنهم من هجّر من منزله ولا يزال يبحث عن مكان آمن للإيجار.. وذكر لي أحد العاملين أثناء تجهيز المعمل للتشغيل أن العمال كانوا يعملون من الساعة السابعة صباحاً إلى الساعة الثامنة مساء، حتى المدير العام لم يشتر لهم وجبة غداء أو عشاء، ولا حتى سندويشة.. وكان العمال يذهبون إلى بيوتهم جائعين وعلى حسابهم الخاص، كانوا يهمسون لبعضهم ويقولون حتى تعويض العمل الإضافي لا يوجد!

وكل هذه الأشياء والمطالب نضعها بين أيدي المعنيين والسيد وزير الصناعة.. إلى متى تُنسى مطالب عمالنا؟ خاصة في هذه الفترة المعقدة، مع العلم أن العمال والنقابات واتحاد العمال والاتحاد العام وقفوا موقفاً بطولياً في هذه الفترة بعدم تفتيت البلد، ووقفوا صفاً واحداً خلف القيادة السياسية لهذا البلد سورية.. سورية التي بنوها بسواعدهم وأدمغتهم، سورية الغالية، أغلى من كل شيء.

العدد 1140 - 22/01/2025