عين العرب تقاوم.. وأردوغان يضع الشروط!

التفرّد الأمريكي يعيق الإجماع العالمي على مكافحة الإرهاب

مازال السوريون يتساءلون: هل قصف الأراضي السورية، واختيار الأهداف، وتدريب المعارضين (المعتدلين)، والمناطق العازلة، هي الوسائل المجدية لمكافحة الإرهاب (الداعشي) الذي يتشظى في سورية والعراق، خاصة وفي المجال الإقليمي عامة؟!

ماذا عن وقف تدفق المليارات إلى هذا التنظيم الإرهابي؟ ولماذا لا تتوقف الولايات المتحدة وشركاؤها الخليجيون والعثمانيون عن مساندتها العسكرية واللوجستية العلنية والسرية للتنظيمات الإرهابية الحليفة لداعش في إراقة دماء السوريين والعراقيين؟

لقد أصبح هذا التساؤل ملحاً، خاصة بعد التقارير الأمريكية والأوربية التي تؤكد عدم فاعلية الهجوم الجوي والصاروخي الذي تقوده الولايات المتحدة.. فقد ذكرت تقاريرCIA  أن جدوى الضربات الجوية يتراجع، وأن كثيراً من المعلومات التي تستند إليها وزارة الدفاع الأمريكية عن تنظيم داعش وتحركاته كانت خاطئة، فإذا أضفنا تصريحات بايدن عن رعاية الدول الحليفة للولايات المتحدة للإرهاب في الوقت الذي تشارك فيه بالهجوم الجوي، تصبح الصورة قاتمة أمام مخططي الاستراتيجيا الأمريكيين.

البديل الذي تطرحه الإدارة الأمريكية هو الاجتياح البري، ولكن دون اشتراك القوات الأمريكية، أي دفع القوات الحليفة في المنطقة إلى أخذ المبادرة على الأرض، ربما مع إشراك المعارضين السوريين (المعتدلين) لتسليمهم المناطق المستولى عليها من داعش ضمن مخطط لتقسيم سورية وهدم كيان الدولة السورية.

أردوغان مازال مصراً على شروطه للانضمام إلى التحالف المقاد أمريكياً، فهو يريد المنطقة العازلة، وتدريب المعارضين السوريين وتزويدهم بالسلاح النوعي، وشن عمليات ضد النظام السوري، في الوقت الذي أعلن فيه دي مستورا أن الشعب السوري وحده من يقرر مستقبل بلاده، مشدداً على الحلول السلمية للأزمة السورية.

وحتى الآن لا تبدي الإدارة الأمريكية حماساً للمنطقة العازلة التي يصر عليها (السلطان) العثماني، لكن لا شيء يضمن ثبات وصدق الموقف الأمريكي، خاصة بعد أن شهدنا منذ بداية الأزمة السورية بهلوانية هذا الموقف الذي تقلّب واستدار وناور في جميع الاتجاهات، لكنه بقي ثابتاً في مسألة واحدة، وهي الاستمرار في تأزيم المسألة السورية، والتنكر لأي جهد سلمي لحل الأزمة وإنهاء مأساة الشعب السوري.

عين العرب مازالت تقاوم الحصار الداعشي، ولا تبدو الغارات الأمريكية مؤثرة في تقدم الإرهابيين المدعومين تركياً، ويبدي المقاتلون المدافعون عن المدينة شجاعة نادرة رغم تواضع تسليحهم مقارنة بترسانة الداعشيين المفرزة خليجياً وتركياً، مما يستدعي البحث عن وسائل مجدية لإيصال الدعم والمساندة إلى هؤلاء المدافعين عن المدينة السورية التي تضم مواطنين أكراداً وعرباً.

يرى السوريون أن مستقبل بلادهم لا تحدده خرائط الأمريكيين وحلفاؤهم، فهم المعنيون أولاً وأخيراً بمستقبل سورية، رغم ترحيبهم بأي جهد دولي صادق لحل أزمتهم التي أرهقتهم، ومازالت تهدد وحدة بلادهم وانسجام مكوناتها الاجتماعية والدينية، لكن هذا الجهد الدولي ينبغي أن تتوافق عليه القوى الأساسية المؤثرة، لا أن تتولى دولة بمفردها فرضه، وتحريك طائراتها وأساطيلها لتحقيقه على الأرض.

الجيش السوري مازال يحقق مزيداً من التقدم في مواجهة الإرهاب، ويوماً بعد يوم تصبح مناطق جديدة خالية من التنظيمات التكفيرية، وعمليات المصالحة مستمرة في العديد من المناطق السورية، ويتقلص بصورة واضحة نفوذ التنظيمات الإرهابية في أرياف العاصمة ومناطق أخرى.

إن صمود السوريين يتعزز ويتطلب أكثر فأكثر، أن تسعى الحكومة إلى ملاقاة هموم الجماهير الشعبية وحل مشكلاتها المعيشية والاجتماعية وفق خطة مدروسة تتجنب الأهداف البعيدة مؤقتاً، وتركز على بضعة أهداف تساعد في تقوية الصمود في مواجهة الإرهاب، وخاصة إنهاض الصناعة السورية، واستمرار دعم الفئات الفقيرة.. ونرى أن رفع أسعار المشتقات النفطية وتقليص الدعم الاجتماعي لا يصب في هذا الاتجاه.

العدد 1140 - 22/01/2025